والمنتهى ، أو الموجودة على رأي المتكلّمين.
وجرى بين النظام وأبي الهذيل حديث في الطفرة (١) ، فقال أبو الهذيل : لو كانت النملة إنّما تقطع البعض وتطفر البعض يوجب إذا لطخت أرجلها بالمداد أن لا يظهر الخط على الاستواء ، بل يكون موضع الطفرة خاليا عن السواد. وكذلك يجب فيما يقطع بالسكين وغيره. على أنّ القدر الذي اعترف بقطعه يجب أن لا تصير النملة قاطعة له ، لأنّه غير متناه ، فما لزم في الجسم كلّه لازم في البعض ، لأنّ الجميع عنده مساو للأبعاض في عدم النهاية.
ونقل عن هشام بن الحكم أنّه كان يذهب في الجزء مذهب النظام ، فلما التجأ النظام إلى قوله بالطفرة ، قال هشام : إن كان لا يمكن إثبات تجزي الجزء إلّا بارتكاب القول بالطفرة فيجب أن يكون ذلك قولا فاسدا وترك مذهبه.
وأيضا يلزم الترجيح من غير مرجح ، إذ لا أولوية في قطع البعض وطفر البعض.
وقد احتج النظام على قوله بوجوه (٢) :
الوجه الأوّل : البئر التي عمقها مائة ذراع ، إذا كان في منتصفها خشبة وعلّق عليها حبل قدره خمسون ذراعا في آخره دلو ، ثمّ أرسل حبل بقدر خمسين ذراعا وشدّ على طرفه كلّاب (٣) وجعل في طرف الحبل المشدود في الخشبة ، ثمّ جررنا
__________________
(١) قال ابن المرتضى : «ناظر [النظّام] أبا الهذيل في الجزء ، فألزمه أبو الهذيل مسألة الذرة والنمل ، وهو أوّل من استنبطها ، فتحيّر النظّام. فلما جنّ عليه الليل نظر إليه أبو الهذيل وإذا النظّام قائم ورجله في الماء يتفكّر ، فقال : يا إبراهيم هكذا حال من ناطح الكباش ، فقال : يا أبا الهذيل جئتك بالقاطع : انّه يطفر بعضا ويقطع بعضا ، فقال أبو الهذيل : ما يقطع كيف يقطع؟» ، طبقات المعتزلة : ٥٠.
(٢) أنظرها في المطالب العالية ٦ : ١٠٩ ـ ١١٢ ؛ مناهج اليقين : ٣٠ ؛ شرح المواقف ٧ : ٢٧.
(٣) في المطالب العالية : «معلاق» ، وفي المناهج : «حلقة». وكلّاب : معرب قلّاب.