الشمس حالا فحالا ، وبالسد يمنع هذا الاستمداد فتنسد (١) أجزاؤه ولا يرى ، لا لأنّه يطفر. وصارت حاله كحال النار إذا التهبت ولم يمدها غيرها فإنّ أجزاءها تتفرق. وكذا المصباح إذا طفى فتلك الأجزاء باقية متفرقة ، وإنّما لم تشاهد لأنّ الضوء موقوف على اجتماع هذه الأجزاء ، فإذا تفرقت خرجت عن الاقتضاء. ثمّ لو كانت العلّة الطفرة ، وهو صحيح على الشعاع فهلا حصل في البيت مع السد على وجه الطفرة ولا يكون السد مانعا أو يطفر من دون سده.
وأجابوا عن الرابع : بأنّ قرص الشمس لا يضيء الأرض في حال بدوه من فلكه ، بل يضيء بعد ساعات ؛ لأنّه يبدو من حين يطلع الفجر فيضيء الأرض حالا بعد حال حتى يبلغ كبد السماء ، إلّا أنّه يضيء في وقت ابتداء الطلوع كلّ الأرض ، ولهذا صار حدّ النهار ما يمتد فيه الضوء من حين طلوع الفجر إلى غيبوبة القرص ، وصار حدّ الليل ما تمتد فيه الظلمة إلى حين طلوع الفجر.
وعن الخامس : أنّ رؤيتنا للسماء ليست لاتصال شعاعنا بها ، لأنّا لا نجعل شرط الرؤية اتصال الشعاع بالمرئي ، ولو جعلناه شرطا لكنا نقول : إنّ في الجو شعاعا يتصل بشعاع أبصارنا ، ثمّ كذلك حتى يتصل بالسماء ، لأنّ الشعاع المنفصل من العين يتصل بالسماء في أوّل وهلة ، وليس ما قاله للطفرة ، بل لحصول ما يصير آلة في الرؤية في الجو.
وعن السادس : أنّ الشمس في مثل هذه المدة لا يكون قطعها مقصورا على جزء ونصف جزء ، بل ربما قطعت ربع الإقليم ، فيجب أن يقال : في الأولى يتقاصر منها جزءان ويتقاصر من الثانية جزء ، أو يتقاصر من الأولى جزء ولا يتقاصر من الثانية شيء ، ثمّ إذا تقاصر من الأولى جزء آخر تقاصر من الثانية جزء ولا يلزم ما ذكره.
__________________
(١) ق : «فتتسدد».