ولكنّا نقول (١) : فرق بين اعتبار الهيولى بشرط أن تكون فيها جسمية وبين مجموع الهيولى والجسمية ؛ فإنّ الهيولى بشرط أن تكون معها جسمية هيولى ، وأمّا مجموع الهيولى والجسمية فهو الجسم ، والقابل للأبعاد ليس مجموع الهيولى والصورة لما تقدم من أنّه لا مدخل للجسمية في القابلية ، بل القابل الهيولى بشرط حصول الجسمية فيها. وإذا كان القابل القريب للأبعاد ليس الجسم بل الهيولى بشرط حصول الجسمية كان الحدّ المذكور ليس متناولا للجسم ، بل للهيولى بشرط مخصوص (٢).
فإن جعلت الصورة جزءا من القابل لا شرطا لكون المادة قابلة ، ناقض كلامهم (٣) : أنّ الصورة ليس مبدأ للقبول والإمكان ، بل هي مبدأ للحصول والفعل. ولأنّ المعقول من الهيولى ليس إلّا أنّه جوهر قابل ، فإن جعلنا الصورة كذلك لم تتميز الهيولى عن الصورة.
وحينئذ يبطل اعتذارهم عن الوجه الأوّل : بأنّ الهيولى ليس فيها بالحقيقة قبول هذه الأبعاد ، بل فيها قبول الجسمية ، وبعد حصول الجسمية يحصل قبول الأبعاد ، فقبول الأبعاد بالحقيقة للجسم لا للهيولى.
ثمّ اعتذروا عنه بأنّ المعلم الأوّل حدّ المتصل بأنّه الذي يمكن أن تفرض فيه أجزاء تتلاقى على حدّ مشترك. ورسمه بأنّه القابل لانقسامات غير متناهية. وحدّ الرطب بأنّه القابل للأشكال بسهولة.
ثمّ إنّ أحدا لم ينقض الحدود بالهيولى باعتبار أنّ الذي يمكن فيه فرض الأجزاء منه (٤) هو الهيولى ، والقابل للانقسامات والأشكال هو الهيولى.
__________________
(١) جواب على الوجه السادس.
(٢) وهو اقتران الجسمية بها.
(٣) أي كلام الفلاسفة.
(٤) كذا في النسخ.