أمّا الفرقة الأولى فهم : ضرار بن عمرو (١) وحفص الفرد (٢) والنجار (٣). فانّهم ذهبوا إلى أنّ : عند اجتماع اللون والطعم والحرارة والبرودة وما شاكلها من الأعراض الباقية (٤) ، يحصل الجسم دون الأعراض الغير الباقية ، كالأكوان وشبهها.
وهؤلاء إمّا أن يجعلوا تحيز الجسم موقوفا على اجتماع هذه الأمور ، فنقول : لا نثبت التحيز في شيء من ذلك إلّا عند الانضمام ، أو نثبت آحاد هذه الأعراض متحيزة قبل الاجتماع كما نثبتها متحيزة عند الاجتماع.
فإن ذهبوا إلى تحيزها قبل الاجتماع ، على ما يقوله النجار ، حيث منع من قلب الأجناس وجعل الجسم مركبا من المعاني الباقية عنده دون الحركات وغيرها ،
__________________
(١) ضرار بن عمرو الغطفاني (١٩٠ ه) قاض من كبار المعتزلة. طمع برئاستهم في بلده فلم يدركها فخالفهم فكفّروه وطردوه وصنّف نحو ثلاثين كتابا بعضها في الرد عليهم وعلى الخوارج. الزركلي ، الاعلام ٣ : ٢١٥.
(٢) يكنى أبا عمرو و (أبا يحيى) وكان من أهل مصر ، قدم البصرة ، فسمع بأبي الهذيل واجتمع معه وناظره فقطعه أبو الهذيل. وكان أوّلا معتزليا ثمّ قال بخلق الأفعال. وله كتاب الاستطاعة ، التوحيد ، الرد على المعتزلة وكتاب الأبواب في المخلوق. النديم ، الفهرست ، الفن الثالث من المقالة الخامسة : ٢٢٩.
(٣) أبو عبد الله حسين بن محمد (م ٢٢٠ ه) رأس الفرقة النجارية من المعتزلة وإليه نسبتها. كان حائكا من أهل قم وهو من متكلمي المجبرة ، وله مع النظّام عدة مناظرات. وأكثر المعتزلة في الري وجهاتها من النجارية ، وهم يوافقون أهل السنة في مسألة القضاء والقدر ويوافقون المعتزلة في نفي الصفات وخلق القرآن. وله كتاب البدل ، المخلوق ، إثبات الرسل ، القضاء والقدر ، وغيرها. المصدر نفسه ؛ الزركلي ، الاعلام ٢ : ٢٥٣.
(٤) كالثقل والخفّة والخشونة واللين والرائحة والرطوبة واليبوسة. مقالات الإسلاميين : ٣٠٥ ؛ مناهج اليقين : ٣٥. وقال العلّامة فيه : «هذا القول في غاية السخافة ... وهؤلاء لمّا وجدوا الجسم لا ينفك عن هذه الأعراض جعلوه عبارة عنها ، فالغلط نشأ لهم من أخذ لازم الشيء مكان ذلك الشيء».