بوجوه (١) :
الوجه الأوّل : قد ثبت أنّ الجسم البسيط واحد في نفسه متصل لا تعدد فيه ولا انفصال بالفعل ، ولا شكّ في أنّه قابل للانفصال ـ والانفصال عدم الاتصال عمّا من شأنه أن يكون متصلا ـ ثمّ كلّ حادث فلا بدّ له من قابل ، فالقابل للانفصال إمّا أن يكون هو الاتصال أو غيره. والأوّل باطل ؛ لأنّ القابل للشيء يجب أن يبقى مع المقبول ، إذ لو امتنع بقاؤه معه كان منافيا له وضدا لا قابلا له ، والاتصال لا شكّ أنّه يعدم حالة الانفصال ولا يبقى معه ، لأنّا قد قلنا : إنّه عدمه ، والشيء لا يجامع عدمه. فإذن الحق : الثاني ، وهو أن يكون القابل شيئا آخر غير الاتصال ، ولا شكّ في أنّ قوة قبول الانفصال حاصلة قبل الانفصال فجامعة
__________________
ـ الفلسفي ١ : ٣٠٦.
وفي شرح المواقف : «انّ الهيولى على الإطلاق هي محلّ الصورة الجوهرية وهي أربعة أقسام : الهيولى الأولى: وهو جوهر غير جسم محلّ المتصل بذاته. والهيولى الثانية : هو جسم قام به صورة ، كالأجسام بالنسبة إلى صورها النوعية. والهيولى الثالثة : وهي الأجسام مع صورها النوعية التي صارت محلا لصورة أخرى ، (كالخشب لصورة السرير والطين لصورة الكوز والهيولى الرابعة وهي : أن يكون الجسم مع الصورتين محلا لصورة أخرى ، كالأعضاء لصورة البدن وأجزاء البيت لصورته). فالهيولى الأولى جزء الجسم هو جزء ، والثانية نفس الجسم ، والأخيران جزءان لهما». ٧ : ٣٤ ـ ٣٥.
(١) راجع الفصل الثاني من المقالة الثانية من إلهيات الشفاء ؛ بهمنيار ، التحصيل : ٣١٢ (الفصل الثامن) ؛ المطالب العالية ٦ : ٢٠١ ؛ المباحث المشرقية ٢ : ١٧ و ٤٦ ـ ٥٣ ؛ نقد المحصل : ١٨٨. وعبر فيه الرازي عن القول بالهيولى ب «الزعم» وأفرد له مسألة ، وتعرض له بالنقض والابطال في كتبه. وهو يعدّ من نفاة الهيولى حيث قال : «واعلم أنّه وإن لم يثبت القول بالهيولى عندنا إلّا أنّ المثبتين له تكلموا في أحكامه ، فلنتكلم نحن أيضا في ذلك ...» المباحث المشرقية ٢ : ٥٣.
والعلامة الحلّي أيضا من منكري الهيولى ، وسيأتي قوله : «اعلم أنّ مذهبنا أنّ الجسم غير المركب من الهيولى والصورة» بداية البحث الأوّل من الفصل الثالث. راجع أيضا شرحه على حكمة العين المسمّى ب «إيضاح المقاصد من حكمة عين القواعد» : ١٢٧.