للاتصال ، فتلك القوة حاملها غير الاتصال والانفصال ، فهناك شيء آخر غير الاتصال والانفصال يقبلهما معا ، وذلك الشيء هو المادة يقبل الاتصال حال وجوده ثمّ يصير قابلا للانفصال بعد ذلك ، (وهو المادة) (١).
والاعتراض من وجوه (٢) :
الأوّل : لا نسلّم أنّ الجسم واحد في نفسه ، وقد تقدم بطلانه ، كما ذهب إليه مثبتوا الجزء وذيمقراطيس وبرهنوا على مقالاتهم كما تقدّم. والاتصال الذي يثبتونه إن كان بمعنى التماس والالتصاق فهو مسلّم ، وهو ينافي الوحدة ، وإن عنيتم به أمرا آخر ، فذلك لا يعرفه أحد إذ المتعارف بين الناس إنّما هو الاتصال بالمعنى الإضافي.
الثاني : سلّمنا أنّ الجسم البسيط متصل ، لكن لا نسلم أنّه قابل للانفصال. ولم لا يجوز أن لا يكون قابلا له ، وإنّما القابل الأجسام الصغار غير المشاهدة بالحس ، كما ذهب إليه ذيمقراطيس؟ وحينئذ يسقط أصل الدليل.
الثالث : لا نسلم أنّ القابل يجب أن يجامع المقبول ، فإنّ كلّ ممكن على الإطلاق قابل لعدمه ولا يمكن اجتماعهما في الوجود ، فكذا نقول في قبول الاتصال للانفصال.
الرابع : قوّة الانفصال ليست ثابتة في الأعيان ، وإلّا لكان لها قوة أخرى ويتسلسل ، وهو محال.
الخامس : الاتصال قد يراد به كون الجسم بحال يقبل الأبعاد الثلاثة ،
__________________
(١) لعلّ ما بين الهلالين زائد ، كما في هامش نسخة ج.
(٢) راجع : المطالب العالية ٦ : ٢٠٥ ؛ المباحث المشرقية ٢ : ٤٧ ؛ نقد المحصل : ١٨٨ ؛ مناهج اليقين : ٣١ ؛ شرح المواقف ٧ : ٣٥. وقال العلّامة في إيضاح المقاصد : ١٣١ ـ ١٣٢ : «واعلم أنّ على هذا الدليل وجوها من الاعتراضات ذكرناها في كتاب «الاسرار».