وذلك هو الجسمية ، وقد يراد به وجود (١) الأبعاد الثلاثة وهو عرض من باب الكم. فدعواكم : «أنّ الجسم يرد عليه ما يزيل الاتصال» إن عنيتم به المعنى الأوّل ، فهو كاذب؛ لأنّ الحس يدفعه ، وأنّ ذات الجسم ممّا يستحيل أن تبقى عند زوال الجسمية. وإن أردتم به الثاني ، فاللازم منه كون المقدار زائدا على الجسم ، وذلك مسلّم ، ولكن كيف يلزم منه أن يكون الجسم في حقيقته مركبا من أمرين؟
السادس : لم لا يجوز أن يقال الزائل هو الوحدة والطارئ هو التعدد وهما عرضان قائمان بالجسم؟
لا يقال : الجسم قبل القسمة كان واحدا وله هوية مخصوصة باعتبارها امتاز عن سائر الأفراد المشاركة له في الماهية ، فإذا وردت القسمة عليه امتنع بقاء تلك الهوية ، وإذا عدمت تلك الهوية فقد عدمت تلك الجسمية ، لأنّ الجسم المعيّن إنّما يصير هو هو لا بماهيته وإلّا كان هو غيره ، بل و (٢) بمشخصاته ، وظاهر أنّ ورود القسمة عليه سبب لزوال تلك الجسمية ولحدوث جسمين آخرين ، وكلّ حادث وزائل فله مادة ، فللجسمية مادة.
لأنّا نقول : لا نسلّم عدم شيء غير الوحدة والتشخص ، ولا يلزم من عدمهما عدم الجسمية. والمشخصات إنّما هي مشخصة بماهياتها ، وإذا زالت زال التشخص العارض للماهية.
وأيضا هذا الإشكال وارد في المادة نفسها ، لأنّها قبل قسمة الجسم إن كانت كثيرة فحينئذ تكون بحسب كلّ الانقسامات الممكنة في الجسم مواد حاصلة متميزة ، فتكون فيه مواد متباينة غير متناهية ، ومعلوم أنّ الصورة الحاصلة في كلّ
__________________
(١) في المباحث : «ورود».
(٢) كذا في النسخ ، وهي ساقطة في المباحث.