واحد منها (١) غير الصورة الحاصلة في المادة الأخرى ، فيكون الجسم مركبا من أجزاء غير متناهية ، وهو يرفع أصل الحجّة. وإذا امتنع كثرتها كانت واحدة عند كون الجسم واحدا ، فلما تعدد تعددت وانقسمت بانقسامه ، وإلّا كانت الصور المتعددة حالّة في مادة واحدة ، وذلك محال.
أمّا أوّلا : فلاستحالة اجتماع المثلين في مادة واحدة.
وأمّا ثانيا : فلأنّه تكون هناك ذات واحدة موصوفة بصفتين لا أنّه يكون هناك جسمان متباينان.
فإذن المادة قد انقسمت ، فيلزم افتقارها إلى مادة أخرى ويتسلسل. ومع تسليمه فالمقصود حاصل ؛ لأنّه لو بقيت هناك مادة واحدة حالتي الوحدة والكثرة للجسم لم يكن تواردهما على الشيء سببا لعدم الشيء ، وبطلت الحجّة. وإن لم يبق شيء أصلا لزم عدم المادة فتكون لها مادة ، ويلزم أن لا تكون للكائن الفاسد مادة باقية ، وهو يبطل أصل الحجّة. ويستلزم كون التقسيم إعداما بالكلية. أو نقول : يجوز أن يكون الاتصال والانفصال عرضين متعاقبين على شيء هو موضوع لهما ، وهو الجسم.
قال أفضل المحقّقين : «لو كان كذلك لكان ذلك الشيء يجب أن يكون في ذاته غير متصل ولا منفصل حتى يمكن أن يكون موضوعا للاتصال والانفصال ، فهو لا يكون من حيث ذاته بحيث تفرض فيه الأبعاد الثلاثة فلا يكون جسما البتة ، بل هو المسمى بالمادة. ولا بدّ من انضياف شيء ما متصل بذاته إليه حتى يصير جسما ، فذلك الشيء هو الصورة، والمجموع هو الجسم الذي هو في نفسه متصل وقابل للانفصال ، والذين يجعلون المتصل عرضا على الإطلاق ينسون أنّ كون الجسم متصلا في نفسه أمر ذاتي مقوّم للجسم ، والجوهر لا يتقوّم بالعرض.
__________________
(١) ق : «منهما».