وأمّا الوحدة والتعدد ، فقبول المادة لا يوجد إلّا مع حدّ ما منهما ، فهي إمّا متأخرة عنهما أو مقارنة لهما ، فإذا كانت الصورة هي العلّة فيهما للمادة وجب تقدمها على المادة ؛ لأنّ المتقدم على المتقدم وعلى المع متقدم. وكذا البحث في وحدة الصورة وتعددها إذا كانت المادة علّة فيهما لزم تقدمها على الصورة ، وهذا عين الدور المحال.
واعترض الشيخ على نفسه ، فقال ما تقريره : «إنّكم استدللتم بإمكان وجود الانفكاك والانفصال بالفعل في بعض الأجسام على كونه مقارنا لقابل ، وذلك لا يقتضي وجوب كون جميع الأجسام مقارنة للقابل ، فإنّ منها ما لا يقبل الفكّ والتفصيل ، كالفلك وغيره من الأجسام الصلبة الصغيرة وإن كان قابلا له بحسب الوهم» (١).
ثمّ أجاب بأنّ الامتداد الجسماني الذي هو الصورة الجسمية المتصلة بذاتها التي لا تبقى هويتها الامتدادية عند وجود الانفصال لا في الخارج ولا في الوهم أمر واحد نوعي ، فحصل التخلف بالأمور الخارجية دون الفصول المنوعة ، وطبيعة الأمر النوعي لا تختلف في الاستغناء عن القابل والحاجة إليه.
وإذا عرف في (٢) بعض أحوالها ـ وهو إمكان طريان الانفصال عليها وامتناع وجودها مع الانفصال ـ احتياجها إلى ما تقوم فيه ، عرف أنّ تلك الطبيعة محتاجة إلى القابل حيث كانت ، (ولو كانت) (٣) طبيعتها مستغنية عن القابل لكانت مستغنية حيث كانت. بخلاف الجنس ، كالحيوان الذي يكون مقتضيا لشيء كالضحك وهو عند تحصله بفصل كالناطق ، ولا يكون مقتضيا في سائر
__________________
(١) المصدر نفسه : ٤٨.
(٢) ساقطة في المصدر.
(٣) ما بين الهلالين من شرح الإشارات ٢ : ٥٠.