وليس بصحيح ، فإنّه ليس كلّ واحد منهما غنيا عن الآخر ، ولا الاحتياج بينهما دائرا ، بل هما ذاتان أفاد شيء ثالث كلّ واحد منهما صفة بسبب الآخر ، وتلك الصفة هي التي تسمّى مضافا حقيقيا. فإذن كلّ واحد منهما محتاج لا في ذاته بل في صفته (١) تلك إلى ذات الأخرى وهذا لا يكون دورا. ثمّ إذا أخذ الموصوف والصفة معا على ما هو المضاف المشهور حدثت جملتان كلّ واحدة منهما محتاجة لا في كلّها بل في بعضها إلى الأخرى ، لا إلى كلّها بل إلى بعضها الغير المحتاج إلى الجملة الأولى ، فظن أنّ الاحتياج بينهما دائر ، ولا يكون في الحقيقة كذلك.
فإذن ليس التلازم بينهما على وجه الاحتياج (٢) لأحدهما إلى الآخر على ما ظنه ، ولا على سبيل الدور. وظهر من ذلك أنّ المعية التي تكون بين المضافين ليست من جنس ما تقدم بطلانه ، بل هي معية عقلية معناها وجوب تعقّلهما (٣) معا (٤).
وفيه نظر ، فإنّ معنى التلازم هو وجوب المصاحبة في الوجود ، ولا ريب في أنّ معلولي العلّة الواحدة متلازمان فإنّه يصدق كلّما ثبت أحد المعلولين ثبتت العلّة وكلّما ثبتت العلّة ثبت المعلول الآخر ، وهذا هو معنى التلازم مع أنّ كلّ واحد من المعلولين مستغن عن الآخر.
وأمّا المتضايفان فليس البحث عن المضاف المشهوري ، بل عن المعنى الحقيقي فانّهما متلازمان مع أنّه لا علّية لأحدهما للآخر بل ولا تقدم له على
__________________
(١) في المصدر : «صفة».
(٢) في المصدر : «لا احتياج».
(٣) في المصدر : «تعلّقهما».
(٤) المصدر نفسه : ١١٧ و ١٤٥ ـ ١٤٦. مع تصرفات من العلّامة.