الصورة المعينة وتتصف بغيرها ، فتوجد الهيولى وإن لم تكن تلك الصورة بعينها. فتشخص الصورة بالهيولى المعينة وتشخص الهيولى بالصورة المطلقة.
ولأنّ ذات الهيولى هو حقيقة القابلية والاستعداد فلا تكون فاعلا للتشخص».
وفيه ما تقدّم (١) من منع عدم كون الشيء قابلا وفاعلا. فإذن إذا اختلفت الجهتان أمكن ، والهيولى هنا قابلة للصورة وفاعلة لتشخصها فلا امتناع. وكون الهيولى حقيقتها نفس القابلية والاستعداد باطل ، لأنّ ذلك الأمر نسبي.
اعترض أفضل المتأخرين على الرئيس في تعليل تشخص كلّ منهما بذات الآخر من غير دور ؛ لأنّ ذات كلّ واحدة منهما علّة لتشخص الأخرى : بأن تشخص (٢) كلّ منهما بذات الأخرى متوقف على انضمام ذات كلّ منهما إلى ذات الأخرى ، وانضمام ذات كلّ منهما إلى ذات الأخرى متوقف على تشخص كلّ منهما ، فإنّ المطلق غير موجود ، وما ليس بموجود لا ينضم إليه غيره.
ثمّ أجاب بأنّ انضمام الوجود إلى الماهية لا يتوقف على صيرورة كلّ واحد منهما موجودا ، فكذا هنا (٣).
وأجاب أفضل المحقّقين بأنّ المادة ليست فاعلة للتشخص لما تقدم من أنّها قابلة ، بل الفاعل للتشخص هي الأعراض المكتنفة بها ، كالوضع والأين ومتى وأمثالها المسمّيات بالمشخصات ، وهي العلل الفاعلية لتكثر أفراد النوع الواحد ، والمادة هي العلّة القابلة.
والحكم بأنّ المطلق ليس بموجود ، غير صحيح ؛ لأنّ المطلق يمكن أن يؤخذ
__________________
(١) في الاعتراض الثاني على الوجه الثالث من وجوه إثبات الهيولى ، ص ٥١٩.
(٢) في المصدر : «ولقائل أن يقول : إنّ تشخص ...».
(٣) شرح الإشارات ٢ : ١٥١.