ذلك باطل وبتقدير صحته فالمقصود حاصل ؛ لأنّه جاز أن يكون لزوم تلك الصورة لأجل هذه الأقسام ، فليجوز مثله في لزوم الشكل والمقدار ، فتعين أن يكون ذلك اللزوم للمادة. وإذا كانت كافية في لزوم تلك الصور فلم لا يكفي في لزوم هذه الأعراض من غير حاجة إلى إثبات هذه الصور؟
وأمّا العناصر فإنّ منها ما يقبل الأشكال بسهولة وهو الرطب ، ومنها ما يقبلها بعسر وهو اليابس ، وإذا كان كذلك فلم لا يجوز أن يقال : إنّ سهولة قبول التشكلات معللة بعلّة وجودية ، وأمّا صعوبة قبولها فانّها معللة بعلة عدمية وهي عدم تلك العلة؟ لأنّ الصورة المقتضية لصعوبة القبول عدم لمقتضية سهولته ، فإنّ صعوبة القبول عدم لسهولته ، ومبدأ العدم يجوز أن يكون عدميا أو بالعكس ، وعلى هذا التقدير لا يظهر امتناع خلو الأجسام عن الصورة النوعية.
أجاب أفضل المحقّقين بأنّ استلزام الجسمية المطلقة لهذه الصور في الفلك غير معقول ، لكونها مشتركة. وكذلك الجسمية المختصة بالفلك ؛ لأنّ سبب اختصاصها بالفلك هو هذه الصور لا غير ، فإذن القول بلزوم هذه الصور للجسمية غير معقول ، بل الواجب أن يعكس ويقال : الجسمية لازمة لصورة الفلك ، وحينئذ تسقط القسمة المذكورة لأنّها تلزمها ؛ لأنّها صورة الفلك لا غير. وأمّا اسنادها (١) إلى المحلّ على ما ذكر فغير معقول ، لامتناع أن يكون القابل فاعلا. وأمّا جعل بعض الصور العنصرية أعداما فغير معقول ، لأنّ الأعراض المذكورة ليست عدمية. أمّا الأينية فظاهرة ، وأمّا الباقية فعلى ما تبيّن في مواضعها ، والأمور الوجودية لا تصدر عن الأعدام» (٢).
الرابع : سلمنا أنّه لا بدّ في الصفات الثلاث ـ اعني سهولة قبول الأشكال
__________________
(١) في المصدر : «استنادها».
(٢) شرح الإشارات ٢ : ١٠٨.