في الأين لأجل اتصافه بالمقدار المخصوص بأولى من العكس. وكذا القول في الشكل والحرارة والبرودة. بل ليس بأن يقال : اتصاف النار باليبوسة لأجل اتصافها بالحرارة أولى من العكس؛ فإنّا نجد كلّ واحدة منهما (١) منفكة عن الأخرى. وإذا لم يكن بين هذه الآثار ترتب وجب أن لا يكون بين عللها ترتب أيضا ، فلا تكون تلك الصور مترتبة ، ويعود الإشكال.
أجاب أفضل المحقّقين : بأنّ الكثير يجوز أن يصدر عن الواحد بانضمام أمور وشروط مختلفة إليه ، فهذه الصور تقتضي التأثير في الغير بحسب ذاتها والتأثر عن الغير بحسب المادة ، وحفظ الأين بشرط الكون في مكانها والعود إليه بشرط خروجها عنه ، وهكذا في البواقي(٢).
وفيه نظر ، فانّا لم نبحث عن حفظ الأين والعود إليه ، بل عن اقتضاء الأين المخصوص ، هل يستند إلى ذاتها مطلقا أو بشرط؟ وكذا البحث في الكيف وغيرها من الأعراض. والحقّ في ذلك كلّه اسناد هذه الآثار إلى القادر المختار جلّت عظمته.
تذنيب : قال الشيخ : لا يكفي وجود الحامل حتى تتعين صورة جرمانيّة ، فإنّ الصورة الجسمية قد سبق أنّها محتاجة في وجودها وتشخصها إلى الهيولى ، لعدم انفكاكها في الوجود عن التناهي والشكل ، ومحتاجة فيهما إليها ، إلّا أنّها مع احتياجها إلى الهيولى تحتاج إلى أشياء أخر غير الهيولى لولاها كانت الأقدار والأشكال متشابهة ؛ لأنّ الهيولى في العنصريات مشتركة (٣).
__________________
(١) أي الحرارة واليبوسة.
(٢) المصدر نفسه.
(٣) المصدر نفسه : ١١٠. مع إضافات من الطوسي.