والأشاعرة (١) والأوائل (٢) على أنّها متماثلة وخالف النظام في ذلك (٣) ، ونقل ذلك أيضا عن التقي العجالي (٤) ولم أجده في كلامه.
احتج الأوّلون بوجوه (٥) :
الوجه الأوّل : الأجسام إذا تساوت أعراضها من الكم والكيف وغيرها التبس بعضها ببعض ، وربما حكم العقل بالوحدة أحيانا ، فإنّ من شاهد بالأمس جسما ذا لون معين ومقدار معين وشكل معين ثمّ شاهد مثله بعد غيبوبة الأوّل عنه لم يميز بينهما ، وحكم بأنّ أحدهما هو الآخر ، ولو لا تساوي حقائقها لما حصل الاشتباه.
الوجه الثاني : الأجسام بأسرها متساوية في قبول الأعراض كلّها فتكون متساوية في الماهية ؛ لاستلزام الاشتراك في المعلول الاشتراك في العلة ، لأنّ المعلول لذاته إن اقتضى الاستناد إلى هذه العلّة المعينة وجب في كلّ معلول يساويه ذلك.
__________________
(١) راجع مقالات الإسلاميين : ٣٠٨ ؛ معالم أصول الدين : ٤٢ ـ ٤٣ ؛ مذاهب الإسلاميين ١ : ٧١٠ (في آراء الجويني).
(٢) في مقالات الإسلاميين : «فقال قائلون : جوهر العالم جوهر واحد وانّ الجواهر إنّما تختلف وتتّفق بما فيها من الأعراض وكذلك تغايرها بالأعراض إنّما تتغاير بغيرية يجوز ارتفاعها ، فتكون الجواهر عينا واحدة شيئا واحدا ، وهذا قول أصحاب أرسطاطاليس» ، ص ٣٠٨.
(٣) فانّه لم يحكم بتماثل الجواهر إلّا إذا تماثلت أعراضها. لمّا كانت الأعراض تختلف ، والجوهر هو الأعراض المجتمعة عنده لم يجوز القطع بحكم التماثل فيه. الشامل للجويني ١ : ١٣٥. راجع أيضا كشف المراد : ١٦٨ ؛ مناهج اليقين : ٤٣. وفي مقالات الإسلاميين : «قال قائلون : الجواهر أجناس متضادة ... وهذا قول النظام» ، ص ٣٠٩.
(٤) في نقد المحصل : «تقي الدين العجّالي». وقال الطوسي فيه : «وأنا ما رأيت في كلامه إلّا ما قاله الجمهور» ، ص ٢١٠.
(٥) انظر الوجه الأوّل والثالث في أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ٢٠ ـ ٢١ ؛ المحيط بالتكليف : ١٩٩.