على الحكم الكلي. على أنّه يجوز أن تكون النار على مقتضى طباعها لكن خلق الله في إبراهيم كيفية عندها يستلذّ بمماسة النار ، كما في النعامة وغيرها.
سلّمنا استواء الجميع في قبول الأعراض ، لكن لا نسلّم استواءها في الماهية وتمام الحقيقة ، فإنّ الاشتراك في اللوازم لا يدل على الاشتراك في الملزومات. والاحتياج في المعلول قد بيّنا أنّه إلى العلّة المطلقة لا المعينة ، وتعيّن العلّة إنّما جاء من قبلها لا من قبل المعلول.
وعلى الوجه الثالث : أنّ الحصول في الحيز ليس هو معنى الجسم وذاته ، بل حكم لازم له ، وقد تقدم أنّ التساوي في الأحكام واللوازم لا يدل على استواء الذوات.
احتج النظام : بأنّ الأجسام مختلفة في الخواص ، وذلك يدل على اختلاف حقائقها.
الجواب : الخواص عوارض تميز بعض الأجسام عن بعض تمييزا عرضيا مصنّفا لا ذاتيا مقوما.
واعلم أنّ البلخي ذهب إلى أنّ في الجواهر ما هو متماثل وفيها ما هو مختلف. ورجع بالتماثل إلى أنّه إنّما يثبت بالمعاني المتماثلة الموجودة في الجوهر ، فإذا اتّفق الجوهران في ذلك فهما مثلان في ذلك. ورجع بالاختلاف إلى اختلاف هذه المعاني ، فإذا اختلف الجوهران فيما يوجد فيهما من المعاني فهما مختلفان. وباقي المشايخ ذهبوا إلى أنّ التماثل والاختلاف لا يقع إلّا بصفات الذوات والمقتضي عنها. وحكي عن عباد أنّه قال في الأعراض : إنّها لا تخالف غيرها بناء على أنّ المخالف يخالف بخلاف ، والعرض لا يحله عرض. وسيأتي البحث في ذلك إن شاء الله تعالى.
قالوا : والأجسام وإن تماثلت بالماهية فإنّ الأسماء تختلف عليها لوجود معان