الثالث : لو كانت الأجسام غير باقية بل يحدثها الله تعالى حالا فحالا ، جاز أن يصح من الله تعالى أن يحدث أحدنا في الوقت الثاني من كونه بالمشرق بالمغرب فيحصل بالمغرب من غير قطع تلك المسافة ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدم مثله.
والشرطية ظاهرة ، وهو قول بالطفرة. وفرق بين هذا وبين ما نجوزه من أن يعدمه الله تعالى في الثاني ثمّ يعيده في الثالث بالمغرب ، لأنّ هنا حالة قد تخللت بعدم فيها ثمّ في الثالث يعود حاله إلى ما كان في الأوّل ، وما ألزمناه للنظام به أن يكون موجودا لا يرد عليه عدم وصول من المشرق إلى المغرب من دون قطع ما بينهما.
الرابع : لو لم تكن الأجسام باقية لم يكن حصول الواحد منا في مكانه ولا الجبل ولا غيرهما من الأجسام السفلية والعلوية آنين دائما ولا أكثريا ، والتالي باطل بالضرورة ، فالمقدم مثله.
بيان الشرطية : أنّ اختصاص الجسم بالمكان ليس لذات الجسم وإلّا لكان كلّ جسم في ذلك المكان ، هذا خلف ، وإنّما هو للفاعل المختار ، وفعل المختار لا يجب دوامه بل هو تابع لقصده وإرادته ، ونسبة الوجود والعدم إليه بالسوية فكان إذا أعدمه الله تعالى وهو في مكان لم يجب أن يحدث مثله ، بل ولا هو إن جوزنا إعادة المعدوم في ذلك المكان بعينه ، لكن الضرورة قاضية ببقاء الجبال وغيرها في أماكنها أزمنة متطاولة.
وفيه نظر ، فإنّه كما جاز أن يكون اختصاص الجبل الشخصي بمكانه أزمنة متطاولة لمصلحة لا تتم بدونه وإن استند إلى الفاعل المختار جاز أن يكون اختصاص نوع (١) الجبل لذلك.
__________________
(١) في النسخ : «قرع» ، وأصلحناها طبقا للمعنى.