الخامس : التأليف باق لا يحتاج إلى تجديد الفاعل أمثاله في كلّ حال ، فلهذا إذا وجد من أحدنا التأليف بقي ولم يؤثر فيه عدم الفاعل (١) أو عجزه ، وإذا كان التأليف باقيا فالجسم أولى ، لأنّه محلّه ويستحيل بقاء الحالّ مع عدم المحلّ.
وفيه نظر ، لأنّا نمنع وجود التأليف أوّلا.
سلمنا وجوده ، لكن نمنع بقاءه ، والتأليف في زمن الثاني يحدثه الله تعالى.
تذنيبات
الأوّل : إذا صحّ استمرار الوجود للجواهر صحّ وصفها بأنّها باقية حقيقة ، وهو اختيار أبي هاشم ، لأنّ حقيقة الباقي هو الموجود الذي لم يتجدد وجوده حالة الخبر عنه بأنّه موجود ، فللحادث بعد حدوثه حالتان :
الأولى : أن يكون وجوده متجددا حالة الخبر عنه وهو الحادث.
الثانية : أن لا يكون وجوده متجددا وهو باق.
وأجريت هذه القسمة عليه فرقا بين الحالتين. ولا يصح تحديد الباقي بأنّه الموجود وقتين ، لأنّ الله تعالى باق لم يزل ولا وقت أصلا. وأمّا أبو علي فقد حدّ الباقي بأنّه الموجود بغير حدوث فاقتضى أن لا يسمى غير الله تعالى باقيا حقيقة بل مجازا.
الثاني : حدوث الجوهر لا يستند إلى معنى (٢) ، خلافا لعبّاد وهشام بن عمرو الفوطي ، فانّهما قالا : المحدث محدث بإحداث. وحكي عن أبي الهذيل أنّه يجعل
__________________
(١) ق : «القابل».
(٢) راجع المحيط بالتكليف : ٥٠ ـ ٥٢.