وقال أبو علي (١) : لا يجوز خلو الجوهر مما يحتمله أو ضده (٢) إن كان له ضد ، وإن لم يكن لم يخل منه أصلا. فلهذا امتنع عنده خلو الجسم من اللون وغيره من الأعراض. وهو مختار الأشعرية (٣). وهذا هو طريقة أبي القاسم الكعبي في الجملة. والحقّ الأوّل (٤).
__________________
(١) قال الأشعري : «وأحالوا تعرّي الجوهر من الأعراض ، والقائل بهذا القول محمد بن عبد الوهاب [أبو علي] الجبائي» ، مقالات الإسلاميين : ٣١٢. وقال فيه أيضا : «وأحال عبّاد ... أن يوجد الجسم مع عدم الأعراض كلها ... والقائل بهذا القول أبو الهذيل» ، ص ٣١١ ـ ٣١٢. واختار الشيخ المفيد مذهب الامتناع حيث قال : «فإنّه (الجوهر) لا يخلو منه أو ممّا يعاقبه من الأعراض ، وهذا مذهب أبي القاسم البلخي وأبي علي الجبّائي ومن قبلهما أكثر المتكلّمين» ، أوائل المقالات : ٩٦. وموافقة النظام في امتناع الخلو للمتكلمين أمر ظاهر ، وأنّه وإن خالفهم في تماثل الأجسام لكنّه يوافقهم في امتناع خلوها من الأعراض بناء على ما مرّ من مذهبه في تركب الجسم من العرض وذلك ظاهر لا سترة فيه ، شرح المواقف ٧ : ٣٣٤. ووافق أبو المعين النسفي من الماتريدية مختار الأشاعرة في ذلك. راجع النسفي : التمهيد لقواعد التوحيد : ١٢٦.
(٢) قال ضرار بن عمرو : «... لا تخلو الأجسام منه (العرض) أو من ضده نحو الحياة والموت ... والألوان والطعوم التي لا ينفكّ من واحد من جنسها ، وكذلك الزنة ، كالثقل والخفّة ، وكذلك الخشونة واللين والحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة و...» مقالات الإسلاميين : ٣٠٥.
(٣) قال البغدادي : «ذهب شيخنا أبو الحسن الأشعري إلى استحالة تعري الأجسام من الألوان والأكوان والطعوم والروائح» ، أصول الدين : ٥٦.
(٤) وهو مذهب صاحب «الياقوت» من النوبختيّين حيث قال : «وقد يخلو الجسم من اللون والطعم والريح ، كالهواء» ، أنوار الملكوت في شرح الياقوت : ٢١.
وقال النيسابوري في آخر هذا البحث : «فثبت بهذه الجملة صحّة خلو الجوهر من اللون ، إذ ليس بينهما علقة من وجه معقول» ، كتاب التوحيد : ١٥٩.
قال الأشعري : «جوّزوا أن يعرّي الله الجواهر من الأعراض وأن يخلقها لا أعراض فيها ، والقائلون بهذا القول أصحاب أبي الحسين الصالحي» ، مقالات الإسلاميين : ٣١٠.
والرازي أيضا خالف أصحابه الأشاعرة وقال بجواز خلو الأجسام عن الأعراض. راجع نقد المحصل : ٢١٢.
وكذلك ذهب إليه المحقّق الطوسي وجوّز خلو الأجسام عن الكيفيات المذوقة والمرئية والمشمومة. راجع كشف المراد : ١٦٩.