لنا أنّ الهواء جسم لا لون له ولا طعم ولا رائحة ، وكالماء وظاهر العنبة والأجاصة حسّا ، وعدم الاحساس فيما من شأنه أن نحس به من غير مانع يقتضي النفي ، وإلّا لأدّى إلى السفسطة. وهذه حجّة أبي هاشم.
لا يقال : إنّ فيها طعوما مألوفة أو مختلفة أو يسيرة.
لأنّا نقول : لا تأثير للألفة فيما يجب عند الإدراك إن نجده ؛ ولا للاختلاف ، فإنّا ندرك الطعوم المختلفة في كثير من الأجسام ؛ ولا القلة ، فإنّ القليل مساو للكثير في صحّة الإدراك.
وأيضا لو لزم من صحّة الاتصاف بالشيء وجوده لزم وجود ما لا يتناهى من الأعراض في المحلّ الواحد دفعة ، والتالي باطل ، فالمقدّم مثله.
بيان الشرطية : أنّ كلّ محلّ اتصف بقدر من السواد مثلا أمكن اتصافه بقدر زائد عليه ؛ لأنّه لا قدر إلّا وتصح الزيادة عليه ، ووجود هذا الزائد في المحل على حدّ وجود الأصل في الصحة ، ويلزم أن توجد في قلب أحدنا ارادات واعتقادات غير متناهية.
لا يقال : الشرطية مسلّمة لو قلنا بصحّة الاتصاف بما لا يتناهى ، لكنّا نمنع صحّة الاتصاف بما لا يتناهى.
لأنّا نقول : كلّ فرد من الأفراد المفروضة يمكن الاتصاف به وبما زاد عليه ، وأيّ مرتبة من مراتب الزائد فرض أمكن فرض الاتصاف بالأزيد وهكذا إلى ما لا يتناهى ، لا تفرض زيادة إلّا ويمكن الأزيد.
وأيضا الجسم واللون متغايران ولا تعلق بينهما ، والقادر عليهما مختار ، فأمكن أن يوجد الجسم خاليا عنه ، لأنّه كما صحّ أن يجمع بينهما صحّ أن يوجد أحدهما منفردا عن صاحبه فهنا مقدمتان :