وأيضا قد بيّنا أنّ الجسم قد يخلو من اللون ، ولو قدرنا أنّ الله تعالى خلق أجساما عارية من الألوان لوجب على هذه القضية أن لا ندركها وهذا يؤدي إلى الجهالات.
واعترض على الأوّل : بأنّا لا نسلم أنّ الطول نفس الجوهر ، وإلّا لكان الجوهر الفرد طويلا فيعود الانقسام ، بل هو عبارة عن تأليف الجواهر في سمت مخصوص ، والتأليف عرض ، فلم لا يجوز أن يكون المرئي هو التأليف؟
وأجيب (١) : بأنّا نرى الطويل حاصلا في الحيز ، وذلك لا يعقل في العرض ، فعلمنا أنّ المرئي هو الجوهر.
والأشاعرة حيث جعلوا علّة الرؤية الوجود والجسم موجود ، حكموا برؤيته (٢).
والاستدلال بالطويل يقتضي كون الجوهر مع التأليف القائم به مرئيا ، ولا يقتضي كون الجوهر الذي هو جزؤه مرئيا.
والجواب بأنّ الطويل يرى حاصلا في الحيز ، دليل آخر وليس جوابا عمّا
__________________
(١) أنظر الجواب من صاحب الياقوت في أنوار الملكوت : ٢٢.
(٢) ومن هنا التزموا بصحّة رؤيته تعالى. أنظر هذا الالتزام والنقض والابرام في نهاية الاقدام : ٣٥٧ (القاعدة السادسة عشرة) ؛ شرح المقاصد ٤ : ١٨٨ ـ ١٩١. راجع أيضا النيسابوري ، التوحيد : ٢٥. وقال الطوسي : «والأشاعرة يقولون عند إثبات الرؤية في الله سبحانه : إنّ مصحح الرؤية هو الوجود والجسم موجود ، فيكون مرئيا» ، نقد المحصل : ٢١٣. وقال الايجي : «فذهبت الأشاعرة إلى انّه تعالى يصحّ أن يرى ...» ، شرح المواقف ٨ : ١١٥.
وقال الرازي في نهاية العقول : «من أصحابنا من التزم أنّ المرئي هو الوجود فقط ، وأنّا لا نبصر اختلاف المختلفات بل نعلمه بالضرورة ، وهذا مكابرة لا نرتضيها ، بل الوجود علّة لصحّة كون الحقيقة المخصوصة مرئية» ، شرح المقاصد ٤ : ١٩١ نقلا عن نهاية العقول. واختار الرازي أيضا صحّة رؤيته تعالى كما يرى البياض والسواد ، أصول الدين : ٧٣.