وأيضا فالتزايد لا بدّ من استناده إلى علّة تتزايد أو شرط يتزايد ، ككون المدرك مدركا عند كثرة المدركات ، ولا شيء تستند هاتان الصفتان إليه يصح التزايد فيه.
وأيضا لو صحّ التزايد في البحر لجاز في الجزء الواحد أن يصير بصورة جبل عظيم للزيادة الحاصلة في الصفة الموجبة للتعاظم ، فأمّا صفة الوجود فلا يدخلها التزايد في شيء من الذوات لما تقدم ولما قاله أبو هاشم : لو تزايد الوجود لم يمتنع أن يكون للسواد وجهان للحدوث يقابلان وجهي البياض ، ثمّ كان يصحّ حصوله في أحدهما دون الآخر ، فيؤدي إلى أن لا نبينه على الإطلاق ، بل يوجد معه على بعض الوجوه.
وأيضا لو صحّ تزايده لجاز أن يحصل على إحدى صفتيه بقادر وعلى الأخرى بغيره ، فيؤدي إلى أنّ المقدور الواحد بينهما ، والعلم باستحالة ذلك يقف على أنّ الوجود لا يتزايد.
السادس (١) : التحيز إنّما يثبت للجوهر حالة وجوده خاصة وإن كان مقتضى عن صفة الذات ، لأنّها لو يثبت له حالة العدم لوجب رؤية الجواهر المعدومة لحصولها على الصفة التي يتناولها الإدراك ، فانّها إنّما تدرك لتحيزها.
لا يقال : شرط الإدراك اتصال الشعاع وهو مفقود عند عدمه.
لأنّا نقول : ليس من شرط صحّة الرؤية اتصال الشعاع عند أبي هاشم.
__________________
(١) أنظر تفصيل البحث في كتاب التوحيد للنيسابوري المعتزلي : ٦٥ ـ ٧٢ (باب الكلام في أنّ الجسم لم يخل من الاجتماع والافتراق والحركة والسكون). راجع أيضا المحيط بالتكليف : ٦٢ ـ ٦٤ (فصل ... في أنّ الجسم لم يخل من هذه المعاني ، ولم يتقدمها في الوجود) ؛ شرح الأصول الخمسة : ١١٢.