للقطعي وغيره ، إمّا أن يكون جازما أو لا. والجازم إمّا أن يكون مطابقا أو لا. والمطابق إمّا أن يكون ثابتا أو لا. فالجازم المطابق الثابت هو العلم. والمطابق غير الثابت هو اعتقاد المقلّد للحقّ. والجازم غير المطابق هو الجهل المركّب. (١) وغير الجازم هو الراجع الذي يجوز معه النقيض وهو الظن. ومقابله الوهم وهو مرجوح الظن. وما يتساوى الطرفان فيه هو الشك. هذا إذا اعتبر في الجازم المطابقة في الخارج وإن لم يعتبر ، وإن كان لا يخلو (٢) عن المطابقة وعدمها لكنّها لم يعتبر. فإمّا أن يقارن تسليما أو إنكارا ، والأوّل ينقسم إلى مسلّم عام إمّا مطلق يسلّمه الجمهور أو محدود يسلّمه طائفة ، وإلى خاص يسلّمه شخص إمّا معلّم أو متعلّم أو منازع ؛ والثاني يسمى وضعا : فمنه ما يصادر به العلوم وتبنى عليه المسائل. ومنه ما يضعه القائس الخلفي وإن كان مناقضا لما يعتقده ، ليثبت به مطلوبه. ومنه ما يلتزمه المجيب الجدليّ ويذبّ عنه. ومنه ما يقول به القائل باللّسان دون أن يعتقده ، كقول القائل لا وجود للحركة ـ مثلا ـ. فإنّ جميع هذه تسمى أوضاعا وإن اختلفت الاعتبارات.
وقد يكون حكم واحد تسليميّا باعتبار ووضعيا باعتبار آخر ، مثل ما يلتزمه المجيب بالقياس إلى السائل وإليه. وقد يفترقان ، فيوجد التسليم بدون الوضع ، مثل ما لا ينازع فيه من المسلّمات ، أو الوضع عن التسليم في مثل ما يوضع في بعض الأقيسة الخلفية.
وقد يطلق الوضع على كلّ رأي يقول به قائل أو يفرضه فارض ، فيكون أعمّ من التسليم وغيره.
__________________
(١) إنّما سمّي مركبا ؛ لأنّه يعتقد بشيء على خلاف ما هو عليه فهذا جهل بذلك الشيء ، ويعتقد بأنّه يعتقده على ما هو عليه فهذا جهل آخر قد تركبا معا. راجع شرح المواقف ٦ : ٢٤.
(٢) في الواقع.