بالتواتر. أو من البصر والعقل وهو المجربات والحدسيات ، وقد مضى بعض هذه وأقسام غير الجازم.
وإذا عرفت هذا فنقول : إنّ جماعة أنكروا الحسيات ، وآخرون أنكروا البديهيات ، وطائفة أخرى أنكروهما معا ، وهؤلاء هم السوفسطائية. وفرقهم ثلاثة :
أمثلهم طريقة اللاأدرية ، وهم الذي يقولون : إنّا لا نعرف ثبوت شيء ولا انتفاءه ، بل نحن متوقفون في كلّ الأقسام.
ومنهم فرقة تسمى العنادية ، وهم الذين يعاندون ويقولون : نحن نجزم بأنّه لا موجود أصلا.
ومنهم فرقة أخرى تسمى العندية ، (١) وهم الذين يقولون : إنّ حقائق الأشياء تابعة للاعتقادات لا أنّ الاعتقادات تابعة للحقائق ، فمن اعتقد في العالم أنّه قديم كان العالم قديما في حقّه ، ومن اعتقد أنّ العالم حادث كان حادثا في حقّه.
وأيضا من السوفسطائية من أنكر الحسيات ، واعترف بالبديهيات ، ومنهم من عكس ، ومنهم من أنكرهما معا (٢).
أمّا اللاأدريِة فقد احتجوا بوجوه :
الوجه الأوّل
قالوا : وجدنا أمورا يدّعي القائلون بها أنّها ضرورية ، وخصومهم يكذبونهم في تلك القضايا فضلا عن المساعدة على أنّ العلم بها ضروري ، وذلك يقتضي
__________________
(١) الكلمة مأخوذة من «عند» حيث إنّهم يقولون الحقائق حقّ عند من هي حقّ عنده وباطل عند من هي باطل عنده. وهم الذي يسمّون في العصور الأخيرة ب «النسبيين» (RELATIVISM) وهم يحاولون إثبات أنّه ليس للحقّ والباطل معيار خاص ، بل تتصف بها الأشياء باعتبار القائلين بها.
(٢) في هامش ج : «الظاهر أنّه مكرر».