تفرض فيه قبلية وبعدية زمانية ، ولا أيضا وجود شيء غير مختص بالجهة ولا مختص (١) بما يختص بالجهة.
لا يقال : الحاكم بهذه القضايا بديهة الوهم لا بديهة العقل وبديهة الوهم كاذبة بدليل تصديقها لما يلزم منها بالضرورة نقائض هذه القضايا ، ولو كانت صادقة لما صدّقت بما ينتج نقائض ما حكمت بصحّتها.
لأنّا نقول : هذا يقتضي توقّف معرفة صحّة البديهيات على هذا الدليل الذي ذكرتموه ، وحينئذ يعود الدور. وأيضا إذا توقف الوثوق بجزم البديهة على أن لا تكون البديهة جازمة بما تنتج نقائضها ، وجب علينا في كلّ قضية بديهية أن نبحث ونجتهد هل في مجزومات البديهة ما ينتج نقائضها؟ وذلك ممّا لا سبيل إلى علمه ، لأنّ غاية ما يفيدنا البحث والاجتهاد والتفحص التام أنّا لا نجد شيئا يناقض حكم البديهة ، لكن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود.
ثمّ لو فرضنا عدم الوجود ، لكن لا يلزم العدم ، فإنّه لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول.
ثمّ لو سلّمنا اللزوم ، لكن جاز أن تختلف الأشخاص في هذا ، فلا يلزم من عدم الدليل عند شخص عدمه عند كلّ شخص ، وإذا جوز العقل ثبوت معارض في نفس الأمر أو عند آخر امتنع منه الجزم بالبديهيات ، وهو المطلوب.
والجواب : لا يلزم من ادّعاء قوم الضرورة في شيء وإنكار آخرين الطعن في الضروريات ؛ لجواز الاشتباه على إحدى الطائفتين أو غيرهما بين أحكام العقل وأحكام الوهم. أمّا العلم بالحسن والقبح فسيأتي بيان كونهما ضروري إن شاء الله تعالى. وكذا العلم بإيجاد العبد لفعله واستناده إليه. وكذا الرؤية وبقاء اللون
__________________
(١) ق : «مختصا».