والجسم. وبطلان كونه تعالى جسما مستند إلى صريح العقل الدال بواسطة المقدمات البديهية على صحته ، إلى غير ذلك من القضايا التي عارض الوهم فيها العقل. وقصور فهم بعض الناس عن التمييز بين الحقّ والباطل. واعتمادهم على ما يتقلدونه وتعارض دليلين لا يوجب القدح في الضروريات.
الوجه الثاني (١)
لزوم النتائج النظرية عن المقدمات الضرورية ، إمّا أن يكون ضروريا أو لا ، والقسمان باطلان ، فاللزوم باطل.
أمّا الأوّل ، فلأنّه لو كان حصول النتائج واجبا ضروريا لزم حصوله لكلّ العقلاء ؛ لأنّهم بأسرهم مشتركون في العلوم الضرورية ، فيجب اشتراكهم في اللازم عنها ، وهو جميع العلوم النظرية ، لكن التالي باطل ، لوقوع الاختلاف بين العالم (٢) في أكثر النظريات.
وأمّا الثاني ، فلأنّ لزوم اللازم عن المقدمات الضرورية لو كان نظريا لا فتقر إثبات ذلك اللزوم إلى نظر آخر وتسلسل ، وهو محال.
وبتقدير تسليمه فالمطلوب حاصل ؛ لأنّ تلك الوسائط المسلسلة إمّا أن يكون بين اثنين منها تلازم واتصال بحيث لا يفتقر إلى وسط ، أو لا يكون. فإن كان هناك اثنان لا وسط بينهما ، فلا بدّ وأن يكون لزومه عن ملاصقة ضرورية ، وإلّا افتقر اللزوم إلى متوسط بينهما فلا يكون الملاصق في اللزوم ملاصقا ، هذا خلف. وإن لم يكن هناك اثنان بينهما اتصال والتصاق في التلازم ، بل كلّ اثنين فرضا متلازمين فإنّ بينهما وسط ، ولم يكن شيء من العلوم مفيدا لشيء من العلوم ، أو لزم من ذلك العلم بما لا يتناهى لا مرّة واحدة ، بل مرارا غير متناهية.
__________________
(١) ممّا احتج به اللاأدريِة على مدّعاهم.
(٢) كذا في المخطوطة.