المعلومات المتساوية إلى العلل المختلفة ؛ لأنّ المعلول هناك يعدم ويوجد مثله مع الأُخرى.
ومنها : أنّه لا بدّ من حصر العلل وبيان انتفائها حتى يقتضي انتفاء المعلول.
ومنها : أنّ العلة إذا حصلت حصل معها معلولها حتى يعلم أنّه يلزم من كون تلك الأُمور مساوية للشيء الواحد حصول المعلول ، وهو مساواتها.
ومنها : أنّ القدر المشترك بين هذه الصور ليس إلّا كونها مشاركة لشيء واحد ، وظاهر أنّ العلم بأنّ الأشياء المساوية لشيء واحد متساوية ، أظهر من كلّ واحد من هذه المقدّمات.
ج : هذا العلم لو استفيد من الإحساس فإمّا أن يستفاد من الإحساس بكلّ الجزئيات أو ببعضها ، والأوّل باطل لتعذره ، ولأجل ما يعلم أنّ العلم بأنّ الأشياء المساوية لشيء واحد متساوية قد يحصل دون استقراء كلّ الجزئيات ، ولأجل أنّ الإحساس إنّما يفيد الحكم في الجزئيات المحسوسة ، لا في الجزئيات المتوهمة التي لا نهاية لها التي يتوقف صدق الموجبة الكلية على ثبوت الحكم فيها بأسرها. وبهذا بطل أن يكون المفيد هو استقراء بعض الجزئيات.
فثبت بما ذكرناه أنّه لا يمكن استفادة هذه العلوم البديهية من استقراء المحسوسات ، وهي أيضا ما كانت حاصلة في ابتداء الخلقة ، فلم يبق إلّا أن يكون طريق تحصيلها الكسب ، وذلك يوجب إمّا التسلسل أو الدور ، وهما محالان ، وذلك يقدح في حصول العلم.
والجواب : قد بيّنا أنّ الفطرة بمجرّدها لا تكفي في تحصيل العلوم الضرورية ،