وذلك [أن (١)] هذا الوجه لا يخرجون معه من جملة التكليف ، لأنهم وان كانوا عند التذكر لا بد أن يفعلوا الاعتقادات التي تصير علوما والشبه متطرقة عليهم ويجوز دخولها فيما علموه ، فلا بد أن يكلفوا دفعها والتخلص منها ، فالتكليف ثابت أيضا على هذا الوجه.
على أن هذا الوجه انما يتطرق فيمن كان عارفا بالله تعالى في دار الدنيا ، وأما من لم يكن عارفا [به (٢)] فلا يتأتى منه.
فان قيل : هؤلاء الذين كانوا في الدنيا لا يعرفون الله تعالى يعرفونه في الآخرة ضرورة.
قلنا : بالإجماع نعلم ضرورة أن معارف أهل الآخرة متساوية في طريقها غير مختلفة ، ولا يجوز أن يكونوا ملجئين إلى المعرفة ولا الى النظر المولد للمعرفة ، لأن إلا لجاء (٣) إلى أفعال القلوب لا يصح الا منه تعالى لانه المطلع على الضمائر ، ولا يصح (٤) أن يكون تعالى ملجئا لهم الا مع تقدم معرفتهم به وبأحواله (٥) ، لأنه إنما يلجئهم الى الفعل بأن يعلمهم (٦) بأنهم متى حاولوا العدول عنه منعهم منه ، وذلك يقتضي كونهم عارفين به تعالى وبصفاته.
على ان الإلجاء إلى المعرفة أيضا لا يصح ، لأنه إنما يلجئ الى الاعتقادات المخصوصة، بأن يعلم الملجإ أنه يمنعه متى رام غيرها. وأكثر ما في ذلك أن
__________________
(١) الزيادة من أ.
(٢) الزيادة من أ.
(٣) في ب : لان إلجاء.
(٤) في ب : والصحيح.
(٥) في ا : وجوبا لهم.
(٦) في ب : الى الله بأن تعلمهم.