عن معرفته قد انحسر ، وذكرت أن الذي حداك الى ذلك ما وجدته ظاهرا في عوام النيل (١) ومعظم خواصها من القول المؤدي إلى الكفر المحضض بسبب الجبر وتجويرهم الله في حكمه ، وحملهم معاصيهم عليه (٢) ، وإضافتهم القبائح اليه ، وتعلقهم بأخبار مجهولة منكرة أو متشابهة في اللفظ مجملة ، وحجاجهم بما تشابه من الكتاب لعدم معرفتهم بفائدته ، وقصور إفهامهم عن [الغرض (٣)] المقصود به.
واعلم أن الكلام في القضاء والقدر قد أعيى أكثر أهل النظر ، وأتعب ذوي الفكر ، والمتكلم فيه بغير علم على غاية [من (٤)] الخطر. والذي يجب على من أراد معرفة هذا (٥) الباب وهو (٦) العلم بما يستحق الباري سبحانه من الأوصاف الحميدة وما ينفى عنه من ضدها فإنه متى علم ذلك أمن من أن يضيف اليه ما ليس من أوصافه أو ينفي عنه ما هو منها ويتبع ذلك من الأبواب ما لا بد من الوقوف عليه : نحو المعرفة بأقوال المبطلين ، ومعرفة أقوال المحقين ، وغير ذلك مما سنبينه فيما بعد إن شاء الله تعالى.
[حدوث البحث في أفعال العباد] (٧)
واعلم ان أول حالة ظهر فيها الكلام وشاع بين الناس في هذه الشريعة ،
__________________
(١) النيل يطلق على عدة أمكنة لا نعلم أيها قصد السائل : «أحدها» بليدة في سواد الكوفة قرب حلة بنى مزيد يخترقها خليج كبير يتخلج من الفرات الكبير ، «ثانيها» نهر من أنهار الرقة حفره الرشيد على ضفة نيل الرقة ، «ثالثها» نيل مصر وهو النهر المشهور (معجم البلدان : ٥ / ٣٣٤).
(٢) في أ : وحمله معاصيه عليه.
(٣) الزيادة من أ.
(٤) الزيادة من أ.
(٥) في مط : معرفة في هذا.
(٦) في مط : هو.
(٧) الزيادة من مط.