وقال عزوجل (حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُوا إِسْرائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)(١).
وقال الله تعالى (آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ) فأخبر أنه لا ينفعه الايمان في وقت الا لجاء والإكراه.
وقال عزوجل (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولئِكَ يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً. وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ)(٢) فأخبر انه لا تنفع التوبة في حال المعاينة ، وما أشبه ما ذكرناه كثير.
ثم يقال لهم : فإذا كان العبد بفعله ما لم يرد الله قد أعجزه فيجب أن يكون بفعله ما يريده قد أقدره ، ومن انتهى قوله الى هذا الحد فقد استغني عن جداله وربحت مئونته.
فصل
[الايمان وحقيقة المشيئة (٣)]
فإن سألوا عن معنى قوله تعالى (وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)(٤).
قيل لهم : معنى ذلك لو شاء ربك لألجأهم الى الايمان ، لكنه لو فعل ذلك
__________________
(١) سورة يونس : ٩٠.
(٢) سورة النساء : ١٧ ١٨.
(٣) الزيادة من مط.
(٤) سورة يونس : ٩٩.