لان العبد عندهم مجتهد في طاعته ، فبينما هو كذلك وعلى ذلك إذ خلق فيه الكفر، وأراد له الشرك ، ونقله مما يحب الى ما يسخط ، وبينما هو (١) مجتهد في الكفر به ، والتكذيب له ، إذ نقله من الكفر الى الايمان ، وهو عندهم لعدوه انظر منه لوليه ، فليس يثق (٢) وليه بولايته ، ولا (٣) يرهب عدوه من عداوته.
وانه يقول للرسل : أهدوا إلى الحق من عنه قد أضللت ، وانهوا عبادي عن أن يفعلوا ما شئت وأردت ، وأمروهم أن يرضوا بما قضيت وقدرت ، لانه عندهم شاء الكفر ، وأراد الفجور ، وقضى الجور ، وقدر الخيانة.
ولو لا كراهة الإكثار لأتينا على وصف مذهبهم ، وفيما ذكرناه كفاية في تقبيح (٤) مذهبهم ، والحمد لله على قوة الحق وضعف الباطل.
فصل
[الخير والشر ومعنى نسبتهما اليه تعالى (٥)]
ان سأل سائل فقال : أتقولون ان الخير والشر من الله تعالى؟
قيل له : ان أردت أن من الله تعالى العافية والبلاء والفقر والغناء ، والصحة والسقم ، والخصب والجدب ، والشدة والرخاء ، فكل هذا من الله تعالى ، وقد تسمى شدائد الدنيا شرا وهي في الحقيقة حكمة وصواب وحق وعدل. وان أردت أن من الله الفجور والفسوق ، والكذب والغرور والظلم والكفر والفواحش
__________________
(١) في مط : وبينما عبد.
(٢) في ا : فليس يبقى.
(٣) في مط : وليس.
(٤) في هامش : أ : في تنقيح خ ل.
(٥) الزيادة من مط.