والبراءة منهما من أجله. وان ارتد بعد ايمان وجب من قتلهما ما يجب فيهما لو كان في غير الوالدين. وقد بينا أن ذلك غير متناف ولا متضاد.
المسألة الخامسة والعشرون :
حكم المنعم الكافر
كيف السبيل لمن أنعم عليه كافر بنعمة إلى أداء الواجب عليه من تعظيمه مع وجوب ذمه ولعنه والبراءة منه وفساد التحابط.
الجواب :
اعلم أن الكافر إذا كانت له نعمة وجب شكره عليها ممن بقي نعمه عليها ، وان استحق من هذا المنعم عليه أن يلعنه على كفره يستخف به من أجله.
وأبو هاشم يوافق هذه الجملة وان كان قائلا بالإحباط ، لأنه يذهب الى أن الإحباط بين ما تتقابل جهاته من تعظيم الاستحقاق ، كالتعظيم على الايمان ، واستخفاف على الكفر ، وليس ذلك قائما في الشكر على نعمة الكافر مع الذم على كفره.
وأبو علي يخالفه في ذلك ويذهب الى أن الكفر محبط لما يستحق بالنعم من شكر وتعظيم ، كما يحبط ما يستحق بالطاعات من ثواب وتعظيم.
والصحيح ما قاله أبو هاشم ، ونحن نزيد على هذه الجملة ونقول : انه لا تنافي بين الذم والمدح والتعظيم والاستخفاف ، إلا إذا كانا على فعل واحد. فأما إذا كانا على فعلين جاز أن يجتمع استحقاقهما وان كانا متقابلين ، بعد أن يتغاير الفعلان اللذان يستحقان منهما.