ولا يصح دخول الاستثناء على الألفاظ الموحدة ، ورجل لفظ واحد ، وان وقع في المعنى على الطويل والقصير وزيد وعمرو.
والاستثناء انما يخرج من الجمل ما تناول لفظها دون معناها ، ولهذا لم يستحسنوا جاءني رجل الا زيدا ، وقد يستحسنون في هذا الموضع ما يجري [مجرى] الاستثناء بغير لفظة «الا» فيقولون : جاءني رجل ليس زيدا.
ويخرجون من الكلام ما صلح تناوله ، وان لم يسموه استثناء ولا استحسنوا لفظة «إلا» الخاصة بالاستثناء.
ولو لا صحة الأصل الذي ذكرناه ما استحسنوا أن يقولوا : جاءني رجال الا زيدا ، لأنهم أخرجوا بالاستثناء ما يصلح لفظ «رجال» له دون ما يتناوله وجوبا.
فان قيل : ألا كان قوله «جاءني رجال» للجنس دون ما يدعى من تناوله للثلاثة فصاعدا ، فلهذا حسن الاستثناء منه ، وألا كان لفظة «رجلا» في قولهم «جاءني رجل» للجنس.
قلنا : لو كان لفظة «رجال» أريد به جنس الرجال على العموم ، لحسن استثناء النكرة منه غير وصف لها ولا تقريب من المعرفة ، حتى يقول : جاءني رجال الا رجلا ، لأنه ان أريد الجنس حسن ذلك لا محالة ، كحسنة لو قال : جاءني الرجال بالألف واللام الا رجلا. وأجمعوا على أن ذلك لا يجوز ، لانه غير مفيد. ولو أريد بلفظة «رجال» هاهنا الجنس ، لكان استثناء الرجل الواحد من غير وصف له مفيدا.
فأما لفظة «رجل» في الإثبات ، كقولهم «جاءني رجل» فإنه لا يكون عبارة عن الجنس في شيء من كلامهم. ولو أرادوا به الجنس لحسن لا استثناء ، كما يحسن من ألفاظ الجنس.