وما أشبه ذلك من الأيام المحذورة المرهوبة ، ويكون المعنى : ان الصوم انما كتب عليكم لتحذروا هذه [الأيام](١) وتخافوها ، وتتجنبوا القبائح وتفعلوا الواجب.
ثم حكى صاحب الكتاب عنا ما لا نقوله ولا نعتمده ولا نسأل عن مثله ، وهو أن قوله تعالى (أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ انما أراد به ان كان عددها وتشاغل بنقض ذلك وإبطاله ، وإذا كنا لا نعتمد ذلك ولا نحتج به ، فقد تشاغل بما لا طائل فيه. والذي نقوله في معنى «معدودات» من الوجهين ما ذكرناه فيما تقدم وبيناه فلا معنى للتشاغل بغيره.
[المناقشة في الاستدلال الثاني بالكتاب على العدد]
دليل آخر من القرآن :
وهو قوله جل اسمه (شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ ولِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)(٢) فأبان تعالى في هذه الآية أن شهر رمضان عدة يجب صيامها على شرط الكمال.
وهذا قولنا في شهر الصيام أنه كامل تام سالم من الاختلاف ، وأن أيامه محصورة لا يعترضها زيادة ولا نقصان. وليس كما يذهب إليه أصحاب الرؤية ، إذ كانوا يجيزون نقصانه عن ثلاثين ، وعدم استحقاقه لصفة الكمال.
يقال له : من أين ظننت أن قوله تعالى (وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ) معناه : صوموا ثلاثين يوما من غير نقصان عنها.
__________________
(١) الزيادة منا.
(٢) سورة البقرة : ١٨٥.