[ما استدل به الخصم على العدد والجواب عنه]
ثم قال صاحب الكتاب : فان تجاسر أحدهم على ادعاء المماثلة بينهما في الاضطرار، أتى بالفظيع من الكلام ، وأدخل سائر الأمة في حكم الاضطرار ، وفتح على نفسه بابا من الإلزام في تكليف ما لا يطاق.
لانه لا فرق بين أن يكلف الله العباد صوم شهر رمضان على الكمال ، ولا يجعل لهم على معرفة أوله دليلا الا دليل شك وارتياب ، يلتجئ معه المكلفون إلى أحكام الاضطرار وبين أن يفرض عليهم أمرا ويعدمهم ما يتوصلون به اليه على كل حال ، حتى يدخلهم في حيز الإجبار ، وهذا ما ينكره معتقد والعدول (١) من كافة الناس.
ثم قال : ويقال لهم : فإذا كان الله تعالى قد بعث رسوله صلىاللهعليهوآله ليبين للناس ، فما وجه للبيان في دليل فرض يعترضه اللبس ، وأين موضع الإشكال إلا في عبادة افتتاحها الشك.
يقال له : ما (٢) الفظيع من الكلام والشنيع من المذهب الا ما عول (٣) عليه في هذا الفصل ، لأنك ظننت أن خصومك يقولون : ان الله تعالى فرض صوم الشك على من لم يدله عليه ولم يرشده الى طريق العلم به ، وألزمت على ذلك تكليفه ما لا يطاق.
وهذا ما لا يقوله من الخصوم ولا من غيرهم محصل ، وصوم أول يوم من شهر رمضان لا يجب الا على من دله الله عليه ، اما برؤيته نفسه الهلال أو بأن
__________________
(١) الظاهر : العدل.
(٢) الظاهر : ليس.
(٣) الظاهر : ما عولت.