لرؤيته وأفطروا لرؤيته ، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين» (١) وهذا الخبر وان كان من طريق الآحاد ، ومما لا يعلم كما علم طريقه من أخبار العلم ، فقد أجمعت الأمة على قبوله ، وان اختلفوا في تأويله ، فما رده أحد منهم ، ولا شكك فيه.
وهو نص صريح غير محتمل ، لأن الرؤية هي الأصل ، وأن العدد تابع لها وغير معتبر، الا بعد ارتفاع الرؤية.
ولو كان بالعدد اعتبار ، لم يعلق الصوم بنفس الرؤية ، ولعلقة بالعدد وقال : صوموا بالعدد وأفطروا بالعدد ، والخبر يمنع من ذلك غاية المنع.
فان قيل : فما معنى قوله «صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته» وأي فائدة لهذا الكلام.
قلنا : معنى ذلك : صوموا لأجل رؤيته وعند رؤيته ، كما يقول القائل : صل الغداة لطلوع الشمس ، يعني لأجل طلوعه وعند طلوعه ، كما قال تعالى (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(٢).
ثم نعود الى الكلام على ما ذكره صاحب الكتاب :
[المناقشة في الاستدلال بالكتاب على العدد]
دليل في القرآن :
قال الله تعالى (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ)(٣) فأخبر بأن الصوم المكتوب علينا نظير الصوم المكتوب
__________________
(١) جامع الأصول ٧ / ١٨٠.
(٢) سورة الإسراء : ٨٧.
(٣) سورة البقرة : ١٨٣.