والمفسد ، إذ كان لا فاعل للظلم والعبث والكذب والفساد غيره ، ولو كان فاعلا لما فعله العباد كان هو الفاعل للظلم الذي فعله العباد والكذب والعبث والفساد وكان يجب أن يكون ظالما كما انهم ظالمون ، وكان عابثا مفسدا إذ لم يكونوا (١) الفاعلين لهذه الأمور دونه ، ولا هو الفاعل لها دونهم.
فلما بطل هذان الوجهان ثبت الثالث ، وهو أن هذه الافعال عمل العباد وكسبهم ، وانها ليست من فعل رب العالمين ولا صنعه ، ولو قصدنا الى استقصاء أدلة أهل العدل في هذا الباب لطال بذلك الكتاب.
فصل
[اللوازم الفاسدة للقول بخلق أفعال العباد (٢)]
ومما يسأل عنه ممن زعم أنه فعل العباد هو فعل الله وخلقه أن يقال لهم : أليس من قولكم (٣) ان الله محسن الى عباده المؤمنين ، إذ خلق فيهم الايمان وبين [لهم (٤)] بفعل الأيمان؟.
فإن قالوا : لا نقول ذلك ، زعموا أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يحسن في تبليغ الرسالة ، وكفى بهذا خزيا لهم.
فان قالوا : ان الإنسان المؤمن محسن بفعل الايمان وكسبه. يقال لهم : فقد كان إحسان واحد من محسنين بفعل الايمان وكسبه (٥) من الله ومن العبد.
فان قالوا : بذلك. قيل لهم : فما أنكرتم أن تكون إساءة واحدة من مسيئين ،
__________________
(١) في مط : إذا لم يكونوا.
(٢) العنوان زيد من مط.
(٣) في أ : له أليس من قولكم.
(٤) الزيادة من أ ، وفوقها حرف «ظ».
(٥) أضاف في أ : من محسنين.