فيكون الله عزوجل مسيئا بما فعل من الإساءة التي العبد بها مسيء ، كما كان محسنا بالإحسان الذي به العبد محسن.
فان قالوا : انه مسيء باساءة [العباد (١)] لزمهم أن يكون ظالما بظلمهم ، وكاذبا بكذبهم ، ومفسدا بفسادهم ، كما كان مسيئا باساءتهم.
فان قالوا : لا يجوز أن تكون إساءة واحدة بين مسيئين. قيل لهم : فما أنكرتم أن لا يكون إحسان واحد بين محسنين ، ولا يجدون من هذا الكلام مخرجا والحمد لله رب العالمين.
وكلما اعتلوا بعلة عورضوا بمثلها ، ويقال لهم : أليس الله نافعا للمؤمنين بما خلق فيهم من الايمان. فمن قولهم : نعم. فيقال لهم : والعبد نافع لنفسه بما فعل من الايمان. فإذا قالوا : نعم. قيل لهم : قد ثبت أن منفعة واحدة من نافعين هي منفعة من الله بالعبد بأن خلقها ، ومنفعة من العبد بأن اكتسبها.
فان قالوا : نعم. قيل لهم : وكذلك الفكر قد ضر الله به الكفار بأن خلقه ، وضر الكافر نفسه بأن اكتسب الكفر.
فان قالوا : نعم (٢). قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون الله قد أفسد الكافر بأن خلق فساده ويكون الكافر هو أفسد نفسه بأن اكتسب الفساد.
فان قالوا : نعم. قيل : فما أنكرتم أن يكون الكافر جائرا على نفسه بما اكتسب من الجور (٣). [فان قالوا : جائر. قيل لهم : فما أنكرتم أن يكون الله جائرا على نفسه بما فعل من الجور (٤)] أيضا كما قلتم في الكافر ، فان قالوا : جائر
__________________
(١) الزيادة من أ.
(٢) في مط : فان قالوها.
(٣) في مط : من [فعل خ] الجور.
(٤) الزيادة من أ.