له نجاسة ذلك الماء ، والأخر لم يغلب في ظنه نجاسته ، لكان فرضاهما مختلفين ووجب على أحدهما أن يتجنب ذلك الماء ، وعلى الأخر أن يستعمله.
وكذلك حكم الأوقات عند من غلب في ظنه دخول بعض الصلوات ، فإنه يجب عليه الصلاة في ذلك الوقت ، ومن لم يغلب ذلك في ظنه لا يحل له أن يصلي في ذلك الوقت. وهذا أكثر من أن يحصى ، والشريعة مبنية على ذلك.
وكما يجوز أن يكون الوقت وقتا للصلاة عند قوم ، وغير وقت لها عند آخرين. والقبلة في جهة عند قوم ، وعند آخرين خلاف ذلك ، فيختلف الفرض بحسب اختلاف الأسباب ، كذلك يجوز أن يكون الشهر ناقصا عند قوم وتاما عند آخرين ، والا فما الفرق.
فأما قوله «ان في ذلك بطلان التواريخ وفساد الأعياد يتبعان الرؤية» وقد يجوز أن يكون عيد قوم غير عيد غيرهم ، لان ذلك يتبع الأسباب المختلفة.
[نقل كلام المستدل بالعدد والمناقشة فيه]
فأما قوله «وفي هذا ان نية المعلوم من حقيقة المنتهى عند الله تعالى غير معلوم لسائر العباد ، مع عموم التكليف لهم بصومه على الكمال».
فكلام غير متحقق لما يقوله خصومة في هذا الباب ، لان المعلوم من حكم الشريعة عند الله تعالى هو المعلوم للعباد من غير اختلاف ولا زيادة ولا نقصان ، لان الله تعالى إذا أوجب على من رأى الهلال ليلة الشهر أن يصومه ويفتح اليوم الذي رأى الهلال من ليله بالصوم ، ويحكم بأنه في عبادته أول الشهر على الحقيقة في حقه وأوجب على من لم يره في تلك الليلة ولا خبره برؤيته أن يحكم بأنه ليس من شهر رمضان ، ولا وجب عليه فيه الصيام.
فالمعلوم لله تعالى هو هذا بعينه وانه تعالى يعلم هذا الذي فصلناه وفسرناه ،