الا رب العالمين ، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا!
وكل إضلال أضل الله به العباد فإنما هو عقوبة (١) لهم على كفرهم وفسقهم.
وأما من خالفنا زعموا ان الله تعالى يبتدئ كثيرا من عباده بالإضلال عن الحق ابتداء من غير عمل ، وان قولهم ان عبدا مجتهدا في طاعة الله قد عبده مائة عام ثم لا يأمنه أن يضله عما هو عليه من طاعة (٢) فيخلق فيه من الكفر ، ويزين عنده الباطل ، وان يعبد غيره مائة عام ويكفر به ثم لا يأمن أن يخلق في قلبه الايمان فينقله عما هو عليه ، فليس يثق (٣) وليه بولايته ، ولا يرهب عدوه من عداوته.
فصل
[عود على بدء في معنى الهدى (٤)]
فان سأل سائل فقال : ما معنى قوله (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ)(٥). قيل له : معنى ذلك انك لا تنجي من العذاب من أحببت .. (٦) لأن النبي صلىاللهعليهوآله كان حريصا على نجاة أقاربه بل كل من دعاه.
فان قيل : فلم زعمتم أن هذا [هو (٧)] تأويل الآية؟ قيل له : لما كان الله قد هداهم بأن دلهم على الايمان علمنا أنه لم يهدهم بهدى الثواب ، وقد بين
__________________
(١) في ا : عقوبته لهم.
(٢) في أ : من طاعته.
(٣) في ا : فليس يبقى.
(٤) العنوان من مط.
(٥) سورة القصص : ٥٦.
(٦) هنا في أجاءت كلمة «ولا» ثم فراغ بمقدار كلمات.
(٧) الزيادة من أ.