وانما قلنا بوجوب حصول هذه (١) المعارف لان المثاب متى لم يعرف أن الثواب واصل اليه على سبيل الجزاء عما فعله (٢) من الطاعات لم يعلم أنه قد وفي حقه وفي له (٣) بما عرض له من التكليف الشاق ، ولان كون الثواب (٤) ثوابا مفتقر الى العلم بقصد فاعله الى التعظيم به، والعلم بالقصد يقتضي العلم بالقاصد ، والعلم بدوام الثواب أيضا زائد في لذة المثاب وناف للتكدير والتنغيص (٥) بجواز انقطاعه ، ومعلوم أنه لا يتم العلم بدوامه الا بعد المعرفة بالله تعالى.
والقول في المعاقب يقرب (٦) من القول [في (٧)] المثاب ، لانه يجب أن يعرف أن إلا لام الواصلة اليه على سبيل العقاب ، فيعلم أنها مستحقة وواقعة على وجه الحسن ، ويعلم قصد القاصد الى الاستحقاق بها كما قلناه في باب الثواب والقصد الى التعظيم به ، ويعلم أيضا دوامه ، فيكون ذلك زائدا في إيلامه والإضرار به (٨) وهذا كله لا يتم الا بعد المعروفة بالله تعالى وأحواله فيجب حصولها.
فان قيل : فمن أين [علمتم (٩)] أن أهل الموقف يجب أن يكونوا عارفين بالله تعالى وليس يتم فيهم ما ذكرتموه في أهل الثواب والعقاب في وجوب المعرفة بالله تعالى.
قلنا : [أهل الموقف يجرون مجرى أهل الثواب والعقاب (١٠)] في وجوب
__________________
(١) في ب : هذين.
(٢) في أوخ : عما فعل.
(٣) في أ : ووفى لنا.
(٤) في أو خ : ولا كون.
(٥) في خ : والتنقيص.
(٦) في أوخ : من المعاقب مقرب.
(٧) الزيادة من أ.
(٨) في ب : الاحتراز به.
(٩) الزيادة من أ.
(١٠) الزيادة من ب.