و «ضربت زيدا نفسه» وما شاكل ذلك من الألفاظ التي يدعى أنها على سبيل التأكيد ، وبينا أن في ذلك أجمع فوائد زائدة على ما في المؤكد.
فإن قيل : ألا كان دخول الباء هاهنا كدخولها من (١) «تزوجت بامرأة» عدولا عن «تزوجت المرأة» و «ما زيد بقائم» و «ليس عمرو بخارج». وليس يمكن ادعاء فائدة زائدة في دخول الباء هاهنا من تبعيض ولا غيره.
وكما زادوا الباء تأكيدا ، فقد زادوا حروفا أخر على سبيل التأكيد ، فقالوا «ان في الدار لزيدا» وما دخول هذه اللام الا كخروجها في إفادة معنى زائد ، وما هي إلا للتأكيد. وغير ذلك مما [لا] يحصى من الأمثلة.
الجواب :
قلنا : أما لفظ «تزوجت» فلا يتعدى الى المفعول الا بالباء ، وانما حذفوها في قولهم «تزوجت امرأة» تخفيفا ، كما حذفوها في قولهم «مررته» والأصل مررت به. ومثل «تزوجت» في أنه لا يتعدى بنفسه ، ولا بد من الباء إلا إذا أردت التخفيف فحذفت.
فأما قولهم «ما زيد بقائم» و «ليس عمرو بخارج» فدخول الباء هاهنا يقتضي التيقن والتحقيق لما خبر به أو قوة الظن. وليس كذلك إذا أسقط الباء ، فكأنه مع إسقاط الباء يخبر غير اعتقاده ، أو غرض غير قوي ، وإذا أدخلها أخبر عن علم أو قوة ظن.
وكأنني بمن يسمع هذا الكلام ينفر عنه ويستبعده يقول من قال هذا ومن سطره ، ومن أشار من أهل اللغة الذين هم القدوة في هذا الباب اليه ، وليس يجب إنكار شيء والا إثباته إلا بحجة.
__________________
(١) ظ : في.