فالقول بجواز التفاوت في العلوم صحيح. وليس بصحيح القول في كمال العقل لما بيناه.
المسألة الثالثة
معرفة وجه إعجاز القرآن
إذا كان صدق مدعي النبوة لا يثبت الا بالمعجز الخارق للعادة على وجه لا يتقدر معه إضافته إلى محدث بحسنه أو صفته المخصوصة ، ليعلم الناظر اختصاصه بالقديم تعالى الذي لا يجوز منه تصديق الكذب.
وكنتم تقولون ان وجه الاعجاز في القرآن هو الصرفة المفتقر به (١) الى العلم بالفصاحة ، ليعلم الناظر عدم (٢) الفرق الواجب حصوله بين المعجز والممكن. وذلك يقتضي تعذر حصول العلم بالنبوة على من ليس من أهل المعرفة ، ولم يفرق ما بين صحيح الكلام وركيكة. وفي هذا سقوط تكليف النبوة على أكثر الخلق والأعاجم وغيرهم ممن لا بصيرة له بالفصاحة.
أو القول بوجوب تقديم معرفة العربية ، وذلك مما يتعذر في أكثر المكلفين ويتعذر في آخرين ، مع ما فيه من إيجاب معرفة العربية ووقوف تكليف النبوة طول زمان مهلة المعرفة بها.
ولا يمكن أن يقال : خرق العادة وتعذر المعارضة كان هؤلاء المعلم بالنبوة.
لأنا قد بينا ما لا خلاف فيه ، من أن خرق العادة غير كاف في الاعجاز ، حتى يكون واقعا على وجه لا يصح دخوله تحت مقدور محدث ، وهذا الحكم
__________________
(١) ظ : المفتقر بها.
(٢) الظاهر زيادة «عدم».