في الصلوات زائدا وبعضهم ناقصا ، وجرى ذلك مجرى شهر رمضان ، فإنه يلحقه الزيادة والنقصان.
فيجب على من رأى الهلال ليلة الثلاثين أن يفطر ، ويكون فرضه تسعة وعشرين يوما. ويكون من لم يره ولا شهد عنده بمن يجب العمل بقبوله (١) ، أن يصوم ثلاثين ، فيختلف فرضاهما. ويجب أيضا على الجميع إذا غم عليهم ليلة الثلاثين أن يصوموا شهرا على التمام. ويجب عليهم إذا رأوه ليلة الثلاثين أن يفطروا ، فيختلف التكليفان باختلاف الأحوال.
وعلى هذا يختلف أحوال المكلف (٢) في الصيام ، فان اخترم في أيام شهر رمضان فتكليفه ما صامه من الأيام ، وعلمنا بالاخترام أن صيام باقي الشهر لم يكن في تكليفه ، ومن الباقي الى آخر الشهر قطعنا على أنه مكلف بصيام جميع الشهر.
وهذا يخفى على من لم يعرف كيف الطريق الى العلم بدخول بعض الافعال في التكليف وهل يسبق ذلك وقوع الفعل أو يتأخر عنه.
[الاستدلال بمعرفة العبادات في أوقاتها والمناقشة فيه]
قال صاحب الكتاب : استدلال آخر وهو : ان جميع الفرائض يعلم المكلف أوقاتها قبل حلولها ، ويعلم أوائلها قبل دخوله فيها ، وكذلك يعلم أواخرها قبل تقضيها.
ألا ترى أنه لا شيء من الصلوات وطهورها والزكوات وشرائطها وفرائض الحج والعمرة ومناسكها الا وهذه صفته وحكمه ، فعلمنا أن شهر رمضان كذلك إذا كان أحد الفرائض ، يجب أن يعلم أوله قبل دخول التكليف فيه وآخره قبل
__________________
(١) ظ : من يجب العمل بقوله.
(٢) في الهامش : التكليف.