تقضيه ، وهذا لا يقدر عليه الا بالعدد دون الرؤية ، فعلم أن العدد هو الأصل.
يقال له : إن أردت بكلامك هذا أن جميع الفرائض لا بدّ أن يعلم المكلف أوقاتها قبل دخوله فيها وأوائلها وأواخرها ، وأنه لا بدّ أن يعلم ذلك على الجملة ، ويكون مميزا للأول والأخر بالصفات التي أوردتها الشريعة من غير أن يعلم أنه في نفسه لا يكون داخلا في تكليف الأول والأخر ، فالآخر على ما ذكرت.
وان أردت أنه لا بدّ أن يعلم قبل الدخول فيها أنه مكلف لأولها وآخرها في تكليف الأخر كما دخل في تكليف الأول ، فقد بينا أن الأمر بخلاف ذلك ، وأن المكلف يعلم أنه مكلف للآخر ولا كل جزء من العبادات الا بعد قطعه وتجاوزه.
فان قيل : لا يعلم المكلف على مذهبكم قبل دخول شهر رمضان أول هذه العبادة وآخرها.
قلنا : يعلم أول هذه العبادة بأن يشاهد الهلال ليلة الشهر ، أو يخبره من يجب عليه قبول خبره برؤيته ، فيعلم بذلك أنه أول هذه العبادة قبل دخوله فيها.
فأما آخرها فيعلمه أيضا قبل الوصول إليه ، بأن يشاهد الهلال ليلة الثلاثين ، أو يخبره عن مشاهدته من يلزمه العمل بخبره ، أو بأن يفقد الرؤية مع الطلب والخبر عنها ، فيلزمه أن يصوم الثلاثين ، فقد صار أول شهر رمضان وآخره متميزين عند أصحاب الرؤية كما تميز عند أصحاب العدد.
فان قيل : التميز عند أصحاب العدد واضح ، لأنهم يقولون على شيء واحد في أول الشهر وآخره ، وهو العدد دون انتقال من غيره اليه ، وأصحاب الرؤية يقولون على الرؤية التي يجوز أن تحصل وأن لا تحصل ، ثم ينتقلون إذا لم تحصل الى العدد.
قلنا : وأي فرق بين تمييز العبادة وتعيينها بين أن يتميز بأمر واحد لا ينتقل