[الاستدلال بالإجماع على الرؤية]
واعلم أن هذه مسألة إذا تأملت علم أنها مسألة إجماع من جميع المسلمين والإجماع عليها هو الدليل المعتمد ، لان الخلاف فيها انما ظهر من نفر من أصحاب الحديث المنتمين إلى أصحابنا ، وقد تقدمهم الإجماع وسبقهم ، ولا اعتبار بالخلاف الحادث ، لانه لو كان به اعتبار لما استقر إجماع ، ولا قامت الحجة به.
وقد علمنا ضرورة أن أحدا من أهل العلم لم يخالف قديما في هذه المسألة ولا جرى بين أهل العلم فيها متقدما كلام ، ولا نظر ولا جدال ، حتى ظهر من بين أصحابنا فيها هذا الخلاف.
ثم لا اعتبار بهذا الخلاف ، سالفا كان أم حادثا متأخرا ، لأن الخلاف انما يفيد إذا وقع ممن بمثله اعتبار في الإجماع من أهل العلم والفضل والدراية والتحصيل.
والذين خالفوا من أصحابنا في هذه المسألة عدد يسير ممن ليس قوله بحجة في الأصول ولا في الفروع ، وليس ممن كلف النظر في هذه المسألة ، ولا ما في أجلى (١) منها ، لقصور فهمه ونقصان فطنة.
وما لأصحاب الحديث الذين لم يعرفوا الحق في الأصول ، ولا اعتقدوها بحجة ولا نظر، بل هم مقلدون فيها والكلام في هذه المسائل ، وليسوا بأهل نظر فيها ولا اجتهاد ، ولا وصول إلى الحق بالحجة ، وانما تعديلهم (٢) على التقليد والتسليم والتفويض.
__________________
(١) في الهامش : فيما هو أجلى.
(٢) الظاهر : تعويلهم.