فأما التراث فهو الميراث ، وليس كل شيء يملكه يسمى تراثا ، حتى يكون قد ورثه عن غيره. وأراد عليهالسلام «أرى تراثي نهبا» أي حقي من لامامة وخلافة الرسول صلىاللهعليهوآله الذي ورثته عنه بنصه علي وإشارته الي «نهبا» منقسما ومتوزعا متداولا.
وقوله عليهالسلام : «فأدلى بها الى فلان بعده» انما يريد ألقاها اليه وأرسلها إلى جهته ، الأصل فيه قولهم : أدليت الدلو إذا ألقيتها إلى البئر ، ومنه : أدلى الرجل بحجته.
وقوله عليهالسلام : «فيا عجبا! بينا هو يستقيلها في حياته إذ جعلها (١) لآخر بعد وفاته» من دقيق المحاسبة وشديد المواقفة أن من يستقيل من الأمر على ظاهر الحال ، يجب أن يكون زاهدا فيه منقبضا منه متبرما به ، ومن عقده لغيره ووصى بها الى سواه فهو على غاية التمسك به ، والتحمل لأوقاره والتلبس لأوزاره.
وقوله عليهالسلام : «لشد ما تشطرا ضرعيها» يريد اقتسما منفعتها ، من الشطر الذي هو النصف.
وأما إنشاده عليهالسلام :
شتان ما يومي على كورها |
|
ويوم حيان أخي جابر |
فهذا البيت لأعشى قيس من جملة قصيدة ، أولها :
علقم ما أنت إلى عامر |
|
الناقض الأوتار والواتر |
فأما حيان أخو جابر ، فهو رجل من بني حنيفة ، فأراد ما أبعد ما بين يومي على كور المطية أدأب وأنصب في الهواجر والصنابر وبين يومي وادعا قارا منادما لحيان أخي جابر في نعمة وخفض وأمن وخصب.
وروي : ان حيان هذا كان شريفا معظما عتب على الأعشى ، كيف نسبه الى
__________________
(١) في النهج : عقدها.