مستأنف غير موصول المعنى بذكر قطب الرحى ، المراد به أني عالي المكان بعيد المرتقى ، لان السيل لا ينحدر الا عن الأماكن العالية والمواضع المرتفعة.
ثم أكد عليهالسلام هذا المعنى بقوله : «ولا يرقى الي الطير» ولانه ليس كل مكان عال عن استقرار السيل عليه واقتضى تحدره عنه ، يكون مما لا يرقى اليه الطير ، فان هذا وصف يقتضي بلوغ الغاية في العلو والارتفاع.
وقوله عليهالسلام : «لكني سدلت (١) دونها ثوبا ، وطويت عنها كشحا» فمعنى «سدلت» ألقيت بيني وبينها حجابا ، أي عرضت (٢) عنها وتنزهت عن طلبها وحجبت نفسي عن مرامها.
وقوله عليهالسلام : «وطويت عنها كشحا» نظير قوله : «وسدلت دونها ثوبا» ومعنى الكلام : أنني أعرضت عنها وعدلت عن جهتها ، ومن عدل عن جهة إلى غيرها فقد طوى كشحة عنها ، لان الكشح : الخاصرة.
وقوله عليهالسلام : «بين أن أصول بيد جداء» فإنما أراد : مقطوعة ، لأن الجد : القطع، ويحتمل أيضا أن يروى جذاء بالذال المعجمة ، لان الجذ أيضا : القطع ، والجذاء : المنقطعة، قال الطائي :
أبا جعفر أن الجهالة أمها |
|
ولو وأم العقل عقماء جذاء |
فأما «الطخية» فهي الظلمة ، وليلة طخياء أي مظلمة.
فأما قوله عليهالسلام : «فرأيت أن الصبر على هاتا أحجى ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا» ف «هاتا» لغة تجري مجرى هاذي وهذه ، و «أحجى» أولى ، وقذى العين معروف.
و «الشجى» ما اعترض في الحلق.
__________________
(١) في النهج : فسدلت.
(٢) ظ : أعرضت.