قلنا : الأمر على ما قلتموه ، وما المنكر من ذلك؟ وما الذي يدفعه ويفسده؟ ثم نحن بالخيار أن نجعل الأصل مسألة واحدة ، أو نبدل ذلك على حسب ما نختاره من وضوح دلالة الأصل أو أشباهها.
فإن قيل : كيف (١) ومسألة إلى أخرى وبناؤها عليها ولا نسبة بينهما ولا تشابه ، وهذه مثلا من الطهارة وتلك من المواريث ، وانما فعل الفقهاء ذلك فيما يناسب ويقارب من المسائل.
فقالوا : ان أحدا من الأمة ما فرق بين مسألة زوج وأبوين ومسألة امرأة وأبوين ، فمنهم من أعطى الأم في المسألتين معا ثلث ما بقي ، ومنهم من أعطاها في المسألتين ثلث أصل المال.
وبدعوا ابن سيرين في التفرقة بين المسألتين ، لأنه أعطى الأم في مسألة زوج وأبوين الثلث مما يبقى ، وفي مسألة زوجة وأبوين ثلث كل المال.
وكذا قالوا : ان أحدا من الأمة لم يفرق بين من جامع ناسيا في شهر رمضان وبين من أكل ناسيا ، فمنهم من فطرة بالأمرين ، ومنهم من لم يفطره بكل واحد من الأمرين.
وبدعوا الثوري في تفرقته بين المسألتين وقوله ان الجماع يفطر مع النسيان والأكل لا يفطر ، فجمعوا بين مسائل متجانسة ، وأنتم فقد سوغتم الجمع بين مالا تناسب فيه.
قلنا : لا فرق بين المتجانس في هذه الطريقة وبين غير المتجانس ، لان المعتبر هو مخالفة الإجماع والخروج عن أقوال الأمة ، وذلك غير سائغ ، سواء كان في متجانس من المسائل أو مختلف ، لان وجه دلالة المتجانس ليس هو كونه متجانسا ، وانما هو رجوعه إلى الإجماع على الطريقة التي بيناها.
__________________
(١) ظ : كيف تنسب مسألة.