الى العلم بشيء من الأحكام البتة ، والحال على ما نحن عليه من فقد دليل التعبد بهما.
وليس كذلك الطريقة التي بنينا فيها بعض المسائل على بعض ورتبناها على الإجماع ، لأنه انما لم يكن طريقا الى العلم لان العلم يسبق الى الناظر بصحة الحكم الذي بنيته لإجماع الإمامية عليه ، ويحصل له قبل البناء.
ولو لم يسبق اليه لكان البناء طريقا الى حصوله ، فإن إجماع الأمة على كل طريق الى العلم بصحة ما أجمعوا عليه لو لم يسبقه إجماع الإمامية الذي عنده يحصل العلم وفيه الحجة ، والقياس وأخبار الآحاد بخلاف ذلك ، لما تقدم ذكره.
غير أنه يمكن على بعض الوجوه أن يكون هذه الطريقة تحصل بها العلم للإمامي ، وذلك أن العلم بأن قول الامام هو على الحقيقة في جملة أقوال الإمامية دون غيرهم ليس بضروري ، والطريق اليه الاستدلال.
ويمكن أن يحصل ذلك لبعض الإمامية ، هو يعلم على الجملة أن قول الإمام الذي هو الحجة لا يخرج من أقوال جميع الأمة ، فإذا علم أن الأمة كلها مجمعة على شيء علم صحته ، لدخول قول الحجة فيه ، فيصح على هذا التقدير أن يكون الطريقة التي ذكرناها توجب العلم للإمامي زائدا على إمكان مناظرة الخصوم لها.
فان قيل : هذا يوجب أن تبنوا جميع مسائل الفقه على مسألة واحدة مما أجمعتم عليه، وتدلوا على صحة كل المسائل التي يخالف فيها خصومكم ، بأن تردوا تلك المسائل الى هذه على الطريقة التي ذكرتموها. وكان مسألة وجوب مسح الرجلين إذا صحت لكم بدليلها ، فقد صح لكم سائر الفقه بالترتيب الذي رتبتموه وما تحتاجون الى تبديل المسائل التي تجعلونها أصولا ولا تغيرها فلا معنى لذلك.