المسألة الرابعة والعشرون :
بر الوالدين الكافرين الفاسقين
إذا كان بر الوالدين واجبا ، وتجنب اليسير من اذاهما لازما بالمعروف مدة الحياة مأمورا به ، كافرين كانا أو فاسقين.
فما الحكم فيهما إذا كانا فاسقين أو ذميين أو حربيين ، أيجب أن يعمل معهما ولدهما ما نصنع بكل فاسق وذمي وحربي من اللعن والبراءة أو القتل أم لا يجب؟ فان وجب فعل ذلك بهما ، فكيف يجامع ما استقر من الأمر بتعظيمهما وتجنب أذاهما؟ وان لم يجب كان خالف ما عليه من وجوب ذلك.
الجواب :
أعلم أن بر الوالدين بالنفقة واحتمال الصحة والكراهة غير مناف للعن لهما والبراءة منهما إذا كانا كافرين ، كما لا تنافي بين شكر الكافر على نعمه وبين لعنه على كفره ، وان كان الشكر معه ضرب من التعظيم ، فان ذلك التعظيم غير مناف للاستخفاف على الكفر لاختلاف جهتهما.
وإذا كنا نذهب معشر القائلين بالارجاء الى أن التعظيم على الطاعة لا ينافي الاستخفاف على المعصية ، مع التقابل بين جهة التعظيم والاستخفاف ، لجاز أن نقول ذلك فيما لم تتقابل جهاته من الشكر على النعم المقترن بالتعظيم والذم على المعاصي بالاستخفاف.
فإذا كانت للوالدين نعمة التربية والحضانة وغير ذلك ، وجب من إكرامهما وتعظيمهما ما يجب لكل منعم ، فان اقترن بذلك منهما كفر وجب لعنهم بالكفر